للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والبخاري، والدارقطني، وقد خلط الضعفاء في إسناده على الزهري تخليطًا فاحشًا، والصحيح فيه المرسل، ورواه عبد الله بن عمر العمري عن الزهري عن عليِّ بن حسين عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوصله وجعله من مسند الحسين بن عليّ، وخرَّجه الِإمامُ أحمد في "مسنده" (١) من هذا الوجه، والعمري ليس بالحافظ، وخرَّجه (٢) أيضًا من وجه آخر عن الحسين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وضعفه البخاري في "تاريخه" (٣) من هذا الوجه أيضًا، وقال: لا يصحُ إلا عن عليّ بن حسين مرسلًا، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أخر وكُلُّها ضعيفة.

وهذا الحديث أصلٌ عظيم من أصول الأدب، وقد حكى الإِمامُ أبو عمرو بن الصلاح عن أبي محمد بن أبي زيد إمام المالكية في زمانه أنه قال: جماعُ آداب الخير وأزمته تتفرَّعُ من أربعة أحاديث: قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخر فليَقُلْ خَيرًا أو ليَصْمُتْ" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مِنْ حُسنِ إسلام المَرءِ تَركُهُ ما لَا يَعْنِيهِ" وقوله للذي اختصر له في الوصية: "لا تَغْضَبْ "، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المُؤْمِنُ يُحبُ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه".

ومعنى هذا الحديث: أن مِنْ حسن إسلامه تَركَ ما لا يعنيه من قولٍ وفعلٍ، واقتصر على ما يعنيه من الأقوال والأفعالِ؛ ومعنى يعنيه: أنَّه تتعلق عنايتُه به، ويكونُ من مقصده ومطلوبه، والعنايةُ: شدَّةُ الاهتمام بالشيء، يقال: عناه يعنيه: إذا اهتمَّ به وطلبه، وليس المُراد أنه يترك ما لا عناية له ولا إرادة بحكم الهوى وطلب النفس، بل بحكم الشرع والِإسلام، ولهذا جعله من حسن الإِسلام، فإذا حَسُنَ إسلامُ المرء، ترك ما لا يعنيه في الإِسلام من الأقوال


(١) ١/ ٢٠١.
(٢) "المسند" ١/ ٢٠١.
(٣) ٤/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>