للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نعمة لم تصحبها العافية كَدَرٌ، فصار هذا الكلام على وجازته وقِلَّة حروفه أحَدُ شطريه محيطًا بجوامع أمرِ الدين وشطره الآخر متضمنًا عامةَ مصالحِ الدُّنيا.

ثم أملى الإِمامُ الحافظُ المفتي شيخُ الإِسلام تقيُّ الدين أبو عمرو عثمانُ بنُ موسى الشَّهْرزُوري الشهير بابن الصَّلاح المتوفَّى ٦٤٣ هـ مجلسًا سمَّاه: الأحاديث الكلية جمع فيه الأحاديثَ الجوامعَ التي يُقال: إن مدارَ الدين عليها، وما كان في معناها من الكلمات الجامعة الوجيزة، وقد اشتمل مجلسُه هذا على ستة وعشرين حديثًا.

ثم إنَّ الفقيه الإِمامَ الزاهدَ القُدوةَ أبا زكريا يحيى بن شرف النووي المتوفَّى سنة ٦٧٦ هـ أخذ هذه الأحاديث التي أملاها ابنُ الصلاح، وزاد عليها تمامَ اثنين وأربعين حديثًا، وسمَّى كتابه بالأربعين، واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها، وكَثُرَ حفظُها، ونفع اللهُ بها ببركةِ نيَّةِ جامعها وحُسْنِ قصده رحمه الله.

ثم إنَّ الحافظ ابن رجب ضَمَّ إلى ذلك كُلِّه ثمانية أحاديث أُخَرَ من جوامع الكلم الجامعة لأنواع العلومِ والحِكَمِ، فبلغت خمسين حديثًا. ثم استخارَ الله تعالى - إجابةً لجماعة من طلبة العلم - في جمع كتاب يتضمن شرح ما يَسَّرَ الله من معانيها، وتقييد ما يفتح به سبحانه من تبيين قواعدها ومبانيها.

وقد اعتنى في شرحه هذا بالتفقه بالأحاديث النبوية وتفسير غريبها، وشرحِ معانيها، وتأويلِ مختلفها، وبيان أحكامها، وما يَترتَّبُ عليها من الفِقه واختلاف العلماء، فكان من أَجَلِّ الشروح (١) التي انتهت إلينا، وأكثرِها أهميةً، وأحفلِها بالفوائد.


(١) وقد تولى شرح الأربعين النووية غير واحد من الأئمة منهم:
١ - أبو العباس أحمد بن فرج بن أحمد الإِشبيلي (ت ٦٩٩) هـ.
٢ - والإِمام أبو الفتح تقي الدين محمد بن علي بن وهب الشهير بابن دقيق العيد (ت =

<<  <  ج: ص:  >  >>