للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بل هو يجتهد في إصلاحها. وقد قالَ محمدُ بنُ واسع لابنه: أمَّا أبوكَ، فلا كثَّرَ الله في المسلمين مثلَه (١).

فمن كان لا يرضى عن نفسه، فكيف يُحبُّ للمسلمين أن يكونوا مثلَه مع نصحه لهم؟ بل هو يحبُّ للمسلمين أن يكونوا خيرًا منه، ويحبُّ لنفسه أن يكونَ خيرًا ممَّا هو عليه.

وإن عَلِمَ المرءُ أن الله قد خصَّه على غيره بفضل، فأخبر به لمصلحة دينية، وكان إخباره على وجه التحدُّث بالنِّعمِ، ويرى نفسه مقصرًا في الشُّكر، كان جائزًا، فقد قال ابنُ مسعود: ما أعلم أحدًا أعلمَ بكتاب الله مني، ولا يمنع هذا أن يُحِبَّ للنَّاسِ أنْ يُشاركوه فيما خصَّهُ الله به، فقد قال ابنُ عبَّاسٍ: إنِّي لأمرُّ على الآيةِ من كِتاب الله، فأودُّ أنَّ النَّاسَ كُلَّهم يعلمُون منها ما أعَلم. وقال الشافعيُّ: وددتُ أنَّ النَّاسَ تعلَّموا هذا العلمَ، ولم يُنسَبْ إليَّ منه شيءٍ (٢). وكان عتبةُ الغلامُ إذا أراد أن يُفطر يقول لبعض إخوانه المطَّلِعين على أعماله: أَخرِج إليَّ ماءً أو تمراتٍ أُفطر عليها؛ ليكونَ لك مثلُ أجري (٣).


(١) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٢/ ٣٥٠.
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٩/ ١١٩، وانظر "السير" ١٠/ ٥٥.
(٣) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>