للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد روي من وجوه متعددة أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل رجلٍ كان يُصلي، وقال: الو قتل، لكان أوَّلَ فتنةٍ وآخرها وفي رواية: "لو قُتِلَ، لم يختلف رجلان من أمتي حتى يخرجَ الدجَّالُ" خرَّجه الإمام أحمد رحمه الله وغيره (١). فيستدلّ بهذا على قتل المبتدع إذا كان قتله يكف شرَّه عن المسلمين، ويحسم مادة الفتن.

وقد حكى ابنُ عبد البر وغيرُه عن مذهبِ مالكٍ جوازَ قتل الدَّاعي إلى البدعة.

فرجعت نصوصُ القتل كلُّها إلى ما في حديث ابن مسعود بهذا التقدير ولله الحمد.

وكثيرٌ من العلماء يقولُ في كثير من هذه النصوص التي ذكرناها هاهنا: إنَّها منسوخةٌ بحديث ابنِ مسعور، وفي هذا نظرٌ من وجهين:

أحدهما: أنَّه لا يُعلم أن حديثَ ابنِ مسعود كان متأخرًا عن تلك النصوص كلُّها، لا سيما وابن مسعود من قدماء المهاجرين. وكثير من تلك النصوص يرويها من تأخَّر إسلامُه كأبي هريرة وجريرِ بنِ عبد الله، ومعاويةَ، فإنَّ هؤلاء كلهم رووا حديثَ قتل شارب الخمر في المرة الرابعة.

والثاني: أنَّ الخاصَّ لا يُنسَخُ بالعامِّ، ولوكان العامُّ متأخرًا عنه في الصحيح الذي عليه جمهور العلماء؛ لأنَّ دلالة الخاصِّ على معناه بالنصِّ، ودلالة العام عليه بالظاهر عند الأكثرين، فلا يُبطِلُ الظاهرُ حكمَ النص. وقد روي أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل رجل كذَب عليه في حياته، وقال لحيٍّ من العرب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلني وأمرني أن أحكمَ في دمائِكم وأموالكم، وهذا رُوي من وجوهٍ متعدِّدةٍ كلها ضعيفة، وفي بعضها أنَّ هذا الرجل كان قد خطب امرأةً منهم في الجاهلية،


= ٦/ ٢٢٦: وهو متروك. ورواه أيضًا (٣٦٦٨)، وفيه أبو معشر وهو ضعيف.
(١) رواه من حديث بريدة الطحاوي في "مشكل الآثار" (٣٧٨) و (٣٧٩)، وابن عدي في=

<<  <  ج: ص:  >  >>