للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تكلم به من خيرٍ أو شرٍّ حتَّى أنه ليكتب قوله: أكلت وشربت وذهبتُ وجئتُ، حتَّى إذا كان يوم الخميسِ عُرِضَ قوله وعمله فأقرَّ ما كان فيه من خير أو شرٍّ، وألقى سائره، فذلك قولُه تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: ٣٩] (١).

وعن يحيى بني أبي كثير، قال: ركب رجل الحمارَ، فعثر به، فقال: تَعِسَ الحمارُ، فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة أكتبها، وقال صاحبُ الشمال: ما هي سيئة فأكتبها، فأوحى الله إلى صاحب الشمال: ما ترك صاحبُ اليمين من شيءٍ، فاكتبهُ، فأثبت في السيئات "تَعِسَ الحمارُ" (٢).

وظاهر هذا أنَّ ما ليس بحسنةٍ، فهو سيئة، وإن كان لا يُعاقب عليها، فإنَّ بعضَ السيئات قد لا يُعاقب عليها، وقد تقع مكفرةً باجتناب الكبائر، ولكن زمانها قد خسره صاحبُها حيث ذهب باطلًا، فيحصل له بذلك حسرةً في القيامة وأسف عليه، وهو نوعُ عقوبة.

وخرَّج الإمامُ أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي هُريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِنْ قوم يقومون مِنْ مجلس لا يذكُرون الله فيه، إلَّا قاموا عن مثلِ جِيفة حمار، وكان لهم حسرة" (٣).

وخرَّجه الترمذي ولفظه: "ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه، ولم


(١) ذكره ابن كثير في "تفسيره" ٧/ ٣٧٧، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٧/ ٥٩٣، ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٢) ورواه ابن أبي شيبة ١٣/ ٥٧٥ وأبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٧٦، والحسين المروزي في زيادات "الزهد" لابن المبارك (١٠١٣) عن حسان بن عطية.
(٣) رواه أحمد ٢/ ٤٩٤ و ٥٢٧، وأبو داود (٤٨٥٥)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٤٠٣)، وصححه الحاكم ١/ ٤٩٢، وانظر ابن حبان (٥٩٠) - (٥٩٢) و (٨٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>