للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فمن هنا يعلم أن ما ليس بخيرٍ مِنَ الكلامِ، فالسُّكوتُ عنه أفضلُ من التكلم به، اللَّهمَّ إلا ما تدعو إليه الحاجةُ مما لا بدَّ منه. وقد روي عن ابن مسعود قال: إيَّاكم وفضولَ الكلام، حسبُ امرئ ما بلغ حاجته. وعن النخعي قال: يَهلِكُ الناسُ في فضول المال والكلام.

وأيضًا فإنَّ الإِكثارَ من الكلام الذي لا حاجة إليه يوجبُ قساوةَ القلب كما في "الترمذي" من حديث ابن عمر مرفوعًا: "لا تُكثِرُوا الكلامَ بغيرِ ذكر الله، فإنَّ كثرةَ الكلامِ بغيرِ ذكرِ الله يُقسِّي القلب، وإنَّ أبعدَ الناس عن الله القلبُ القاسي" (١).

وقال عمر: مَنْ كَثُرَ كلامُه، كَثُرَ سَقَطُهُ، ومَنْ كَثُرَ سَقَطُه، كَثُرَت ذُنوبُه، ومَن كَثُرَت ذنوبُه، كانت النارُ أولى به (٢). وخرَّجه العقيلي (٣) من حديث ابن عمر


(١) رواه الترمذي (٢٤١١) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن حاطب، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم.
قلت: وإبراهيم روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" ٦/ ١٤، وعبد الله بن دينار ثقة من رجال الستة.
ورواه مالك في "الموطأ" ٢/ ٩٨٦ بلاغًا من قول عيسى عليه السلام ولفظه: بلغه أن عيسى ابن مريم كان يقول: "لا تُكثِروا الكلام بغير ذكر الله فَتَقسُوَ قلوبُكم. فإنَّ القلب القاسي بعيدٌ من اللهِ ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كانكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد. فإنما الناس مُبتلىً ومُعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية.
(٢) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (٣٧٤)، وابن حبان في "روضة العقلاء" ص ٤٤ وأورده الهيثمي في "المجمع" ١٠/ ٣٠٢، ونسبه إلى الطبراني في "الأوسط".
(٣) في "الضعفاء" ٣/ ٣٨٤، ورواه أيضًا القضاعي (٣٧٢) - (٣٧٤)، وأبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٧٤ وقال: هذا حديث غريب وذكره الهيثمي في ١٠/ ٣٠٢، ونسبه إلى الطبراني في "الأوسط" وقال: وفيه ضعفاءُ وُثِّقُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>