للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وبكلِّ حالٍ، فالتزامُ الصمت مطلقًا، واعتقاده قربة إمَّا مطلقًا، أو في بعض العبادات، كالحجِّ والاعتكاف والصيام منهى عنه. ورُوي من حديث أبي هريرة عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نهى عن صيام الصَّمت. وخرَّج الإسماعيلي من حديث عليّ قال: نهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصمت في العُكوفِ، وفي "سنن أبي داود" (١) من حديث عليٍّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا صُماتَ يَوم إلى اللَّيلِ". وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لامرأة حَجَّتْ مُصمَتَةً: إن هذا لا يَحلُّ هذا من عمل الجاهلية (٢). وروي عن عليِّ بنِ الحسين زين العابدين أنَّه قال: صومُ الصَّمْتِ حرام.

الثاني مما أمر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث المؤمنين (٣) إكرامُ الجار، وفي بعض الرِّوايات: "النهي عن أذى الجار" فأمَّا أذى الجار، فمحرَّمٌ، فإنَّ الأذى بغيرِ حقٍّ محرَّمٌ لكل أحدٍ، ولكن في حق الجار هو أشدُّ تحريمًا، وفي "الصحيحين" عن ابن مسعودٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سُئِلَ: أيُّ الذَّنب أعظمُ؟ قال: "أن تجعل دكهِ ندًّا وهو خلقك"، قيل: ثم أيّ؟ قال: "أن تقتُلَ ولَدَكَ مخافة أن يَطْعَمَ معك"، قيل: ثم أيّ؟ قال: "أن تُزَانِي حليلةَ جارك" (٤). وفي "مسند


(١) برقم (٢٨٧٣) وهو حديث حسن مخرج في "شرح مشكل الآثار" رقم (٦٥٨) بتحقيقنا.
قال الخطابي في "معالم السنن": وكان أهل الجاهلية من نُسُكهمُ الصُّمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة، فيصمِت ولا ينطق، فنهوا عن ذلك، وأمروا بالذكر والنطق بالخير.
(٢) رواه البخاري (٣٨٣٤)، والدارمي ١/ ٧١.
(٣) في (أ) و (ب): "للمؤمنين".
(٤) رواه البخاري (٤٤٧٧) و (٧٥٢٠) ومسلم (٨٦)، وصححه ابن حبان (٤٤١٤) و (٤٤١٥)، وانظر تمام تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>