للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المغيرة بن شعبة. والثاني: أن ميمون بن أبي شبيب لم يصحّ سماعه من أحد من الصحابة، قال الفلاس: ليس في شيء من رواياته عن الصحابة "سمعتُ"، ولم أخبر أن أحدًا يزعم أنه سمع من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو حاتم الرازي: روايته عن أبي ذر وعائشة غير متصلة. وقال أبو داود: لم يدرك عائشة، ولم ير عليًا، وحينئذ فلم يدرك معاذًا بطريق الأولى.

ورأْيُ البخاري وشيخهِ عليّ بن المديني، وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم أن الحديثَ لا يَتَّصِلُ إلا بصحة اللقي (١)، وكلامُ الإمام أحمد يدلُّ على ذلك، ونصَّ عليه الشافعي في "الرسالة" وهذا كُلُّه خلاف رأي مسلم رحمه الله.

وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وصَّى بهذه الوصية معاذًا وأبا ذرٍّ من وجوهٍ أخَر، فخرج البزارُ (٢) من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذٍ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى قوم، فقال: يا رسول الله أوصني، قال: "أفش السَّلام، وابذل الطعام، واستحي من الله استحياء رجل ذا هيئةٍ من أهلك، وإذا أسأتَ فأحسن، وليحسن خلقك ما استطعت".

وخرج الطبراني والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بنِ العاص: أن


(١) الخلاف في هذه المسألة منحصر في الحديث المعنعن، وهو الذي فيه عن فلان، عن فلان، وقد ادعى الإمام مسلم في مقدمة "صحيحه" إجماع العلماء قديمًا وحديثًا على أنه محمول على الاتصال والسماع إذا أمكن لقاء من أضيفت العنعنة إليهم بعضِهم بعضًا مع براءتهم من التدليس، وخالف مسلمًا في ذلك إماما هذه الصنعةِ عليُّ بن المديني والبخاري وغيرهما فقالوا: لا يحمل على الاتصال إلا إذا ثبت أنهما التقيا مرة فأكثر، ولا يكفي إمكانُ تلاقيهما. انظر "شرح مسلم" ١/ ١٢٧ وما بعدها و"توضح الأفكار" ١/ ٣٣٠ و ٣٣٥.
(٢) رقم (١٩٧٢). قال الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٢٣: وفيه ابن لهيعة، وفيه لين، وبقية رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>