للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل للحسن: ألا يستحيي أحدُنا من ربه يستغفِرُ من ذنوبه، ثم يعود، ثم يستغفر، ثم يعود، فقال: ودَّ الشيطانُ لو ظَفِرَ منكم بهذه، فلا تملُّوا من الاستغفار. وروي عنه أنه قال: ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين، يعني: أن المؤمن كلما أذنب تاب، وقد رُوي "المؤمن مُفَتَّنٌ توَّاب" (١). وروي من حديث جابر بإسناد ضعيف مرفوعًا: "المؤمن واهٍ راقعٌ فسعيدٌ من هلك على رقعه" (٢).

وقال عمرُ بنُ عبد العزيز في خطبته: من أحسن منكم، فليَحْمَدِ الله، ومن أساء، فليستغفر الله، فإنه لا بُدَّ لأقوامٍ من أن يعملوا أعمالًا وظَّفها الله في رقابهم، وكتبها عليهم. وفي رواية أخرى عنه أنَّه قال: أيها الناسُ مَنْ ألمَّ بذنبٍ، فليستغفرِ الله وليتب، فإن عادَ، فليستغفر الله وليتب، فإن عاد، فليستغفر الله وليتب، فإنما هي خطايا مطوَّقة في أعناقِ الرجال، وإن الهلاك كُل الهلاك في الإصرار عليها.

ومعنى هذا أن العبدَ لا بُدَّ أن يفعل ما قُدِّرَ عليه من الذنوب كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُتِبَ على ابن آدمَ حَظهُ من الزنى، فهو مُدركُ ذلك لا محالةَ" (٣). ولكن الله جعل للعبد مخرجًا مما وقع فيه من الذنوب، ومحاه بالتوبة والاستغفار، فإن فعل، فقد تخلص من شر الذنب، وإن أصر على الذنب، هلك.

وفي "المسند" (٤) من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١) رواه عبد الله بن أحمد ١/ ٨٠ وأبو يعلى (٤٨٣) من حديث علي رضي الله عنه بلفظ: "إن الله يحب العبد المؤمن المفتّن التواب" وسنده غاية في الضعف.
(٢) رواه الطبراني في "الصغير" (١٧٩)، وفي سنده سعيد بن خالد الخزاعي، وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات.
(٣) قطعة من حديث رواه البخاري (٦٢٤٣) و (٦٦١٢) ومسلم (٢٦٧٥) وأبو داود (٢١٥٢) من حديث أبي هريرة.
(٤) ٢/ ١٦٥ وإسناده صحيح، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (٣٨٠) وعبد بن حميد =

<<  <  ج: ص:  >  >>