للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عبدي؟ فيقول: نعم، فيقول: إنِّي قبلتها منك، فيسجد، فيقول: ارفع رأسكَ وعُد في كِتابك، فيمر بالسَّيِّئة، فيسودُّ لها وجهه، ويَوْجَلُ منها قلبُه، وترتعدُ منها فرائصُهُ، ويأخذه من الحياء من ربِّه ما لا يعلمُه غيرُه، فيقول: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول: إنِّي قد غفرتُها لك، فيسجدُ، فلا يرى منه الخلائقُ إلَّا السُّجودَ حتَّى ينادي بعضهم بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يَعصِ الله قطُّ، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبينَ ربِّه ممَّا قد وَقفَهُ عليه (١).

وقال أبو عثمان النهدي عن سلمان: يُعطى الرجل صحيفتهُ يوم القيامة، فيقرأ أعلاها، فإذا سيئاته، فإذا كاد يسوء ظنه، نظر في أسفلها، فإذا حسناته، ثم نظر في أعلاها فإذا هي قد بُدِّلت حسنات. ورُوي عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، وعن أبي عثمان من قوله وهو أصح (٢).

وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن بعض أصحاب معاذ بن جبل قال: يدخل أهلُ الجنة الجنة على أربعة أصناف: المتقين، ثم الشاكرين، ثم الخائفين،


(١) وروى البخاري (٤٦٨٥)، ومسلم (٢٧٦٨) عن صفوان بن محرز قال: قال رجل لابن عمر: كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في النجوى؟ قال: سمعته يقول: "يُدنى المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل، حتَّى يضع عليه كَنَفَهُ، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف، قال: فإني قد سترتها عليك في الدُّنيا وإني أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته. وأما الكفار والمنافقون، فيُنادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله".
(٢) رواه الحسين المروزي في زيادات "الزهد" لابن المبارك (١٤١٥)، وابن أبي حاتم في ما نقله عنه ابن كثير ٨/ ٢٤١ من طريق بزيد بن هارون، أخبرنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي قوله .. وهذا سند صحيح، رجاله رجال الشيخين، وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن ملّ، ثقة، ثبت، مخضرم، مُعمَّرٌ، أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يلقه، ومات سنة ٩٥ وقيل: بعدها، وهو ابن ثلاثين ومائة سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>