للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وذكر العقيلي (١) أن أسانيد الحديث كلها لينة، وبعضُها أصلحُ من بعض، وبكلّ حال، فطريق حنشٍ التي خرجها الترمذي حسنة جيدة.

وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهمِّ أمور الدين، حتَّى قال بعض العلماء (٢): تدبرتُ هذا الحديثَ، فأدهشني وكِدتُ أطيشُ، فوا أسفى من الجهل بهذا الحديث، وقِلَّةِ التفهم لمعناه.

قلت: وقد أفردت لشرحه جزءًا كبيرًا (٣) ونحن نذكر هاهنا مقاصِدَهُ على وجه الاختصار إن شاء الله تعالى.

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "احفظِ الله" يعني: احفظ حدودَه، وحقوقَه، وأوامرَه، ونواهيَه، وحفظُ ذلك: هو الوقوفُ عندَ أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعندَ حدوده، فلا يتجاوزُ ما أمر به، وأذن فيه إلى ما نهى عنه، فمن فعل ذلكَ، فهو مِنَ الحافظين لحدود الله الذين مدحهمُ الله في كتابه، وقال عزَّ وجل: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: ٣٢، ٣٣]. وفسر الحفيظ هاهنا بالحافظ لأوامرِ الله، وبالحافظ لذنوبه ليتوب منها.

ومن أعظم ما يجبُ حِفظُه من أوامر الله الصَّلاةُ، وقد أمر الله بالمحافظة عليها، فقال: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، ومدح المحافظين عليها بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: ٣٤].


(١) في "الضعفاء" ٣/ ٥٤.
(٢) هو عبد الرَّحمن بن الجوزي في كتابه "صيد الخاطر" قاله المصنف في "نور الاقتباس" ص ٢٣.
(٣) واسمه "نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس" طبع بمكة المكرمة سنة ١٣٤٧ هـ ثم طبع في القاهرة سنة ١٣٦٥ هـ ثم طبع في القاهرة أيضًا سنة ١٤٠٠ هـ، والطبعة الأخيرة هي التي نشير إليها في تعليقاتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>