للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد دلَّ الكتابُ والسننُ الصحيحة الكثيرة على مثل هذا المعنى، قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢].

وفي "صحيح مسلم" (١) عن عبد الله بن عمرو عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ الله كتبَ مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلُقَ السَّماوات والأرض بخمسين ألفَ سنة".

وفيه أيضًا عن جابر أن رجلًا قال: يا رسول الله، فيمَ العمل اليوم؟ أفيما جفَّت به الأقلامُ، وجرت به المقادير، أم فيما يستقبل؟ قال: "لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير"، قال: ففيم العملُ؟ قال: "اعملوا فكلٌّ ميسَّر لما خلق له" (٢).

وخرج الإِمام أحمد، وأبو داود، والترمذي من حديث عبادة بن الصامت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أوَّل ما خلق الله القلم، ثم قال: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة" (٣).

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًّا يطول ذكرها.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلو أن الخلق جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيءٍ لم يقضِهِ الله، لم يقدِرُوا عليه، وإن أرادوا أن يضرُّوك بشيءٍ لم يكتبه الله عليك، لم يقدروا عليه".

هذه رواية الإِمام أحمد، ورواية الترمذي بهذا المعنى أيضًا، والمراد: أن ما يُصيب العبدَ في دنياه مما يضرُّه أو ينفعه، فكلُّه مقدَّرٌ عليه، ولا يصيبُ العبدَ


(١) برقم (٢٦٥٣)، ورواه أيضًا الترمذي (٢١٥٦).
(٢) رواه مسلم (٢٦٤٨).
(٣) حديث صحيح رواه أحمد ٥/ ٣١٧، وأبو داود (٤٧٠٠)، والترمذي (٢١٥٥) و (٣٣١٩) وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن جرير الطبري ٢٩/ ١١، وأبي يعلى (٢٣٢٩) والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>