للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- صلى الله عليه وسلم -. وقد جمع العُلماءُ جموعًا من كلماتِه - صلى الله عليه وسلم - الجامِعَةِ، فصنِّف الحافظُ أبو بكر بن السُّنِّيِّ كتابًا سماه: "الإِيجاز وجوامع الكلم مِنَ السُّنَن المأثورة"، وجمع القاضي أبو عبدِ الله القُضاعي مِنْ جوامع الكلم الوجيزة كتابًا سمَّاه: "الشهاب في الحِكَم والآداب" (١)، وصنَّفَ على مِنوالِه قومٌ آخرون، فزادُوا على ما ذكره زيادةً كثيرةً. وأشار الخطَّابيُّ في أوَّل كتابه "غريب الحديث" (٢) إلى يسير من الأحاديث الجامعة.

وأملى الإِمامُ الحافظُ أبو عمرو بنُ الصَّلاح مجلسًا سمَّاه "الأحاديثَ الكلّيّة"، جمع فيه الأحاديثَ الجوامعَ الَّتي يُقال: إنَّ مدارَ الدِّين عليها، وما كان في معناها مِنَ الكلمات الجامعةِ الوجيزةِ، فاشتمل مجلسهُ هذا على ستَّةٍ وعشرين حديثًا.

ثمَّ إنَّ الفقيهَ الإمامَ الزَاهِدَ القُدوةَ أبا زكريا يحيى النَّوويَّ رحمةُ اللهِ عليهِ أخذَ هذه الأَحاديثَ التي أملاها ابنُ الصَّلاحِ، وزادَ عليها تمامَ اثنينِ وأربعينَ حديثًا، وسمى كتابه "بالأَربعين"؛ واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها، وكَثُرَ حفظُها، ونفع الله بها ببركة نيَّة جامِعِها، وحُسْنِ قصدِه رحمه الله.

وقد تكرَّر سؤالُ جماعةٍ مِنْ طلبةِ العلمِ والدِّينِ لتعليق شرحٍ لهذه الأحاديث المُشارِ إليها، فاستخرتُ الله سبحانه وتعالى في جمع كتاب يتضمَّنُ شرح ما يُيسِّرُه الله تعالى مِنْ معانيها، وتقييد ما يفتحُ به سبحانه من تبيين قواعدِها ومبانيها، وإيَّاه أسألُ العونَ على ما قَصَدْتُ، والتَّوفيقَ لصلاح النِّيَّةِ والقصد فيما أردتُ، وأُعَوِّلُ في أمري كلّه عليه، وأبرأ مِنَ الحَوْلِ والقُوَّةِ إلَّا إليه.

وقد كان بعضُ مَنْ شرحَ هذه الأَربعينَ قد تعقَّب على جامعها رحمه الله تركَه


(١) وهو مطبوع في مؤسسة الرسالة بتحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي.
(٢) ١/ ٦٤ - ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>