للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يلتفتوا إلى غيره (١)، فمتى استقام القلبُ على معرفةِ الله، وعلى خشيته، وإجلاله، ومهابته، ومحبته، وإرادته، ورجائه، ودعائه، والتوكُّلِ عليه، والإعراض عما سواه، استقامت الجوارحُ كلُّها على طاعته، فإن القلبَ هو ملكُ الأعضاء، وهي جنودُه، فإذا استقامَ الملك، استقامت جنودُه ورعاياه، وكذلك فسِّر قولُه تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [الروم: ٣٠] بإخلاص القصد لله وإرادته وحدَه لا شريكَ له.

وأعظم ما يُراعى استقامتُه بعدَ القلب مِنَ الجوارح اللسانُ، فإنَّه ترجمانُ القلب والمعبِّرُ عنه، ولهذا لما أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالاستقامة، وصَّاه بعدَ ذلك بحفظ لسانه، وفي "مسند الإِمام أحمد" عن أنس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتَّى يستقيم قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه حتَّى يستقيمَ لسانُه" (٢). وفي "الترمذي" عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا وموقوفًا: "إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاءَ كلها تكفر اللِّسان، فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحنُ بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوجَجْتَ اعوججنا" (٣).


(١) انظر ص ٢٠٨.
(٢) تقدم تخريجه ص ٢٨٤.
(٣) رواه الترمذي (٢٤٠٧)، وابن المبارك في "الزهد" (١٠١٢)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (١٢)، ورجح الترمذي وقفه، ولفظ "إنما نحن بك" لم ترد في (ب) و (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>