للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم من قال: الإيمانُ يكفِّرُ الكبائرَ كلَّها، والوضوء يكفِّر الصَّغائرَ، فهو شطرُ الإيمان بهذا الاعتبار، وهذا يردُّه حديث: "من أساءَ في الإِسلام أُخِذَ بما عمل في الجاهلية" (١) وقد سبق ذكره.

ومنهم من قال: الوضوء يُكفِّرُ الذنوبَ مع الإِيمان، فصار نصفَ الإِيمانِ، وهذا ضعيف.

ومنهم من قال: المرادُ بالإِيمان هاهنا: الصلاة، كما في قوله عزّ وجلّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣]، والمراد: صلاتُكم إلى بيتِ المقدس (٢)، فإذا كان المرادُ بالإِيمان الصلاةَ، فالصلاةُ لا تُقبل إلا بطهور، فصار الطُّهور شطر الصلاة بهذا الاعتبار، حكى هذا التفسير محمدُ بن نصر


(١) تقدم تخريجه.
(٢) قال البخاري في "صحيحه": باب الصلاة من الإيمان وقول الله تعالى {وما كان الله ليضيع أيمانكم} يعني صلاتكم. . .، حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق عن البراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يُعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مكة، فداروا - كما هم - قبل البيت. وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يُصلي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبَل البيت أنكروا ذلك.
قال زهير: حدثنا أبو إسحاق عن البراء في حديثه هذا: أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجالٌ وقُتِلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: ١٤٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>