للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الجهاد، لعدم القدرة على آلته، وقد أخبر الله عنهم بذلك في كتابه، فقال: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: ٩٢].

وفي هذا الحديث: أن الفقراء غَبَطوا أهلَ الدُّثور - والدُّثور: هي الأموال - بما يحصُلُ لهم مِنْ أجرِ الصدقة بأموالهم، فدلَّهمُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على صدقاتٍ يقدِرُون عليها.

وفي "الصحيحين" (١) عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة أنَّ فقراءَ المهاجرين أتَوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثورِ بالدرجاتِ العُلى والنعيمِ المقيمِ، فقال: "وما ذاك؟ " قالوا: يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق، ويَعتِقون ولا نَعتِق، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلا أُعَلِّمُكم شيئًا تُدرِكُونَ به مَنْ قد سَبَقكُم، وتسبقونَ به من بَعدكم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَنْ صنع مثل ما صنعتم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "تُسبِّحونَ وتُكبِّرونَ وتحمَدُونَ دُبُرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين مرَّة"، قال أبو صالح: فرجع فقراءُ المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: سمع إخواننا أهلُ الأموالِ بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: ٥٤].

وقد روي نحو هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة منهم عليّ (٢)،


(١) رواه البخاري (٨٤٣) و (٦٣٢٩) ومسلم (٥٩٥).
(٢) رواه الترمذي (٣٤٠٨)، وقال: حسن غريب.
ورواه أحمد ١/ ١٠٦ من وجه آخر، وكره الهيثمي في "المجمع" ١٠/ ٩٩ - ١٠٠، وقال: رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب، وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل اختلاطه، وبقية رجاله ثقات. قلت: حقق الإمام الطحاوي وغيره من الأئمة أن حماد بن سلمة سمع من عطاء بن السائب قبل الاختلاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>