للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجمعان سعادةَ الدُّنيا والأخرة.

أمَّا التَّقوى، فهي كافلةٌ بسعادة الآخرة لمن تمسَّك بها، وهي وصيةُ الله للأوَّلين والأخرين، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: ١٣١]، وقد سبق شرح التقوى بما فيه كفاية في شرح حديث وصية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ (١).

وأمَّا السَّمع والطَّاعة لوُلاة أُمور المسلمين، ففيها سعادةُ الدُّنيا، وبها تنتظِمُ مصالحُ العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعةِ ربِّهم، كما قال عليٌّ رضي الله عنه: إنَّ الناسَ لا يُصلحهم إلَّا إِمامٌ بَرٌّ أو فاجر، إِن كان فاجرًا عبدَ المؤمنُ فيه ربَّه، وحمل الفاجر فيها إلى أجله (٢).

وقال الحسن في الأمراء: هم يلونَ من أمورنا خمسًا: الجمعةَ والجماعة والعيد والثُّغور والحدود، والله ما يستقيم الدِّينُ إلَّا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لَمَا يُصْلحُ الله بهم أكثرُ ممَّا يُفسدون، مع أن - والله - إن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر.

وخرَّج الخلال في "كتاب الإِمارة" من حديث أبي أمامة قال: أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه حينَ صلَّوا العشاء "أن احشُدوا، فإن لي إليكم حاجةً"، فلمَّا فرغ مِنْ صلاةِ الصُّبح، قال: "هل حشدتم كما أمرتكم؟ " قالوا: نعم، قال: "اعبدوا الله، ولا تُشركوا به شيئًا، هل عقلتم هذه؟ " ثلاثًا، قلنا: نعم، قال: "أقيموا الصَّلاةَ، وآتوا الزَّكاة، هل عقلتم هذه؟ " ثلاثًا. قلنا: نعم، قال: "اسمعوا وأطيعوا" ثلاثًا، "هل عقلتم هذه؟ " ثلاثًا، قلنا: نعم، قال: فكنَّا نرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيتكلَّم كلامًا طويلًا، ثم نظرنا في كلامه، فإذا هو قد جمع لنا الأمرَ كلَّه (٣).


(١) وهو الحديث الثامن عشر.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ١٥/ ٣٢٨ بنحوه.
(٣) ورواه أيضًا الطبراني في "الكبير" (٧٦٧٨)، وذكره الهيثمي في "المجمع" ١/ ٤٦ وقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>