للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

روي عن عليٍّ موقوفًا، وقال الدارقطني (١): هو أشبه.

وقد قيل: إن العبدَ الحبشيَّ إنما ذكر على وجه ضرب المثل وإن لم يصحَّ وقوعُه، كما قال: "مَن بنى مسجدًا ولو كَمَفْحَصِ قطاة" (٢).

وقولُه - صلى الله عليه وسلم: "فمن يعِشْ منكم بعدي، فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ". هذا إخبارٌ منه - صلى الله عليه وسلم - بما وقع في أُمَّته بعدَه من كثرة الاختلاف في أصول الدِّين وفروعه، وفي الأقوال والأعمال والاعتقادات، وهذا موافق لما روي عنه من افتراقِ أُمَّته على بضعٍ وسبعين فرقة، وأنها كلّها في النَّار إلَّا فرقة واحدة، وهي من كان على ما هو عليه وأصحابُه، وكذلك في هذا الحديث أمر عندَ الافتراق والاختلاف بالتمسُّك بسنته وسنةِ الخلفاء الرَّاشدين من بعده، والسنة: هي الطريقة المسلوكةُ، فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الرَّاشدونَ مِنَ الاعتقاداتِ والأعمالِ والأقوال، وهذه هي السنةُ الكاملةُ، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنَّةِ إلا على ما يشمل ذلك كلَّه، ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفُضيل بن عياض.

وكثيرٌ من العُلماء المتأخرين يخصُّ اسم السنة بما يتعلق بالاعتقادات، لأنها أصلُ الدِّين، والمخالفُ فيها على خطرٍ عظيم، وفي ذكر هذا الكلام بعد الأمر بالسَّمع والطاعة لأُولي الأمر إشارةٌ إلى أنَّه لا طاعةَ لأولي الأمر إلَّا في طَاعةِ


= "الحلية" ٧/ ٢٤٢، وقال: غريب، وفي إسناده الفيض بن الفضل، وهو مجهول.
(١) في "العلل ٣/ ١٩٩.
(٢) رواه من حديث أبي ذرّ ابن أبي شيبة ١/ ٣١٠، والبزار (٤٠١)، وصححه ابن حبان (١٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>