وقد قيل: إن جوف الليل إذا أطلق، فالمرادُ به وسطُه، وإن قيل: جوف الليل الآخر، فالمرادُ وسط النِّصف الثاني، وهو السدسُ الخامسُ من أسداس الليل، وهو الوقتُ الذي ورد فيه النُّزول الإلهي.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أُخبركُ برأسِ الأمرِ وعموده وذروة سنامه؟ " قلتُ: بلى يا رسول الله، قال:"رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاةُ، وذِروةُ سنامه الجهادُ" وفي رواية للإِمام أحمد من رواية شهر بن حوشب، عن ابن غَنْمٍ، عن معاذ قال: قال لي نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ شئتَ حدَّثتُك برأسِ هذا الأمرِ وقِوام هذا الأَمرِ وذِروة السَّنام"، قلتُ: بلى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ رأسَ هذا الأمرِ أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأن محمَّدًا عبده ورسولُه، وإن قِوام هذا الأمر إقام الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزكاة، وإن ذِروة السَّنام منه الجهادُ في سبيل الله، إنما أُمِرْتُ أن أقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يُقيموا الصَّلاة، ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمَّدًا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك، فقد اعتصموا وعصموا دماءَهم وأموالهم إلَّا بحقِّها، وحسابُهم على الله عزَّ وجل". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسُ محمدٍ بيده، ما شحب وجهٌ، ولا اغبرَّت قدمٌ في عملٍ يُبتغى فيه درجات الجنة بعدَ الصلاة المفروضة كجهادٍ في سبيل الله، ولا ثَقَّلَ ميزانَ عبدٍ كدابَّةٍ تنفق له في سبيل الله، أو يُحمل عليها في سبيل الله عزّ وجلَّ".
فأخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاثة أشياء: رأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه.
فأمَّا رأس الأمر، ويعني بالأمر: الدين الذي بعث به وهو الإِسلام، وقد جاء تفسيرُه في الرواية الأخرى بالشهادتين، فمن لم يقرَّ بهما ظاهرًا وباطنًا، فليسَ من الإِسلام في شيء.
= (١٢٥١) و (١٣٦٤)، والطبراني في "الدعاء" (١٢٨) - (١٣٤)، وصححه ابن خزيمة (١١٤٧).