للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الله، ومن تعدَّى ذلك، فقد تعدَّى حدود الله.

وقد تُطلق الحدودُ، ويراد بها نفسُ المحارم، وحينئذ فيقال: لا تقربوا حدودَ الله، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧]، والمراد: النَّهي عن ارتكابِ ما نهى عنه في الآية من محظورات الصِّيام والاعتكاف في المساجد، ومن هذا المعنى - وهو تسميةُ المحارم حدودًا - قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ القائمِ على حدودِ الله والمُدْهِنِ فيها، كمثل قوم اقتسموا سفينة" الحديث المشهور (١)، وأراد بالقائم على حدود الله: المنكر للمحرَّمات والناهي عنها.

وفي حديث ابن عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إني آخذ بحُجَزِكُم [أقول:] اتَّقوا النَّارَ، اتَّقوا الحدودَ" قالها ثلاثًا، خرَّجه الطبراني والبزار (٢)، وأراد بالحدود محارم اللهِ ومعاصيه، ومنه قولُ الرجل الذي قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنِّي أصبتُ حدًا فأقمه عليَّ (٣).

وقد تُسمى العقوباتُ المقدرة الرادعةُ عن المحارم المغلظة حدودًا، كما يقال: حدُّ الزنى، وحدُّ السرقة، وحدُّ شرب الخمر، ومنه قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأسامة:


(١) رواه من حديث النعمان بن بشير البخاري (٢٤٩٣) و (٢٦٨٦)، والترمذي (٢١٧٣)، وأحمد ٤/ ٢٦٨، وصححه ابن حبان (٢٩٧)، ونصه بتمامه: "مثل القائم على حدود الله والمداهن فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ مَنْ فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوا ونَجَوْا جميعًا".
(٢) رواه الطبراني في "الكبير" (١٠٩٥٣)، والبزار (١٩٣٦)، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>