للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأهل هذه الدرجة على قسمين: منهم من يقتصرُ من الدُّنيا على قدر ما يسدُّ الرَّمق فقط، وهو حالُ كثيرٍ من الزُّهَّادِ. ومنهم من يفسح لنفسه أحيانًا في تناول بعض شهواتِها المباحةِ، لتقوى النَّفسُ بذلك، وتنشَط للعملِ، كما روي عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حُبِّبَ إليَّ من دنياكمُ النِّساءُ والطِّيبُ، وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصَّلاة" خرَّجه الإِمام أحمد والنسائي من حديث أنس (١).

وخرَّج الإمام أحمد (٢) من حديث عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبُّ من الدُّنيا النِّساء والطِّيبَ والطَّعامَ، فأصاب من النِّساءِ والطِّيب، ولم يُصب من الطَّعامِ.

وقال وهب: مكتوبٌ في حكمة آل داود - عليه السلام -: ينبغي للعاقل أن لا يَغْفُلَ عن أربع ساعاتٍ: ساعةٍ يُحاسِبُ فيها نفسه، وساعةٍ يُناجي نجيها ربَّه، وساعةٍ يلقى فيها إخوانه الذين يُخبرونه بعيُوبه، ويُصدقونه عن نفسه، وساعةٍ يُخلي بين نفسه وبين لذَّاتها فيما يحلُّ ويجمل، فإنَّ في هذه السَّاعة عونًا على تلك الساعات، وفضلَ بُلغة واستجمامًا للقلوب، يعني ترويحًا لها.

ومتى نوى المؤمن بتناول شهواته المباحة التقوِّي على الطاعة كانت شهواتُه له طاعة يُثابُ عليها، كما قال معاذ بن جبل: إنِّي لأحتسب نومتي كما أحتسب


= (وهو ضعيف) عن مجاهد، عن ابن عمر.
ورواه البخاري (٦٤١٦) من طريق سليمان الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر رفعه "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت، فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"، وصححه ابن حبان (٦٩٨) من هذا الطريق.
(١) حديث صحيح، رواه أحمد ٣/ ١٢٨ و ١٩٩ و ٢٨٥، والنسائي ٧/ ٦١ و ٦٢، وصححه الحاكم ٢/ ١٦٠، ووافقه الذهبي.
(٢) في "المسند" ٦/ ٧٢، وفيه رجل لم يسم، فهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>