للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَعاطَ ما في أيديهم، فإذا فعلتَ ذلك، استخفُّوا بكَ، وكرهوا حديثك، وأبغضوك (١).

وقال أيوب السختياني: لا يَنْبُلُ الرجلُ حتَّى يكون فيه خصلتان: العفَّةُ عمَّا في أيدي الناس، والتجاوزُ عمَّا يكون منهم (٢).

وكان عمر يقول في خطبته على المنبر: إن الطمع فقر، وإنَّ اليأس غنى، وإنَّ الإِنسانَ إذا أَيِسَ من الشيء استغنى عنه (٣).

وروي أن عبد الله بن سلام لقيَ كعب الأحبار عند عمر، فقال: يا كعب، مَنْ أربابُ العلم؟ قال: الذين يعملون به، قال: فما يذهب بالعلم من قلوب العلماء بعد إذ حفظوه وعقلوه؟ قال: يُذهبه الطمعُ، وشرَهُ النفس، وتطلبُ الحاجات إلى الناس، قال: صدقت (٤).

وقد تكاثرت الأحاديثُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بالاستعفاف عن مسألة الناس والاستغناء عنهم، فمن سألَ النَّاسَ ما بأيديهم، كرهوه وأبغضوه؛ لأنَّ المال محبوبٌ لنفوس بني آدم، فمن طلب منهم ما يحبُّونه، كرهوه لذلك.

وأما من كان يرى المِنَّة للسائل عليه، ويرى أنَّه لو خرج له عن مُلكِه كُلِّه، لم يفِ له ببذل سؤاله له وذِلَّته له، أو كان يقول لأهله: ثِيابُكم على غيركم أحسن منها عليكم، ودوابُّكم تحتَ غيركم أحسن منها تحتكم، فهذا نادرٌ جدًا من طباع بني آدم، وقد انطوى بساطُ ذلك من أزمانٍ متطاولةٍ.

وأما من زهد فيما في أيدي الناس، وعفَّ عنهم، فإنَّهم يحبُّونه ويُكرمونه


(١) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٢٠.
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٥.
(٣) رواه أحمد في "الزهد" ص ١١٧، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" ١/ ٥٠.
(٤) ذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" ٢/ ٨ مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>