للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذان الحديثان محمولان على أن يكون المانعُ له من الإنكار مجرَّدَ الهيبة، دُونَ الخوفِ المسقط للإِنكار.

قال سعيدُ بنُ جبير: قلتُ لابنِ عباس: آمرُ السُّلطانَ بالمعروفِ وأنهاه عن المنكر؟ قال: إنْ خِفتَ أن يقتُلَك، فلا، ثم عُدْتُ، فقال لي مثلَ ذلك، ثم عدتُ، فقال لي مثلَ ذلك، وقال: إن كنتَ لا بدَّ فاعلًا، ففيما بينَك وبينه.

وقال طاووس: أتى رجلٌ ابنَ عبَّاسٍ، فقال: ألا أقومُ إلى هذا السُّلطان فآمره وأنهاهُ؟ قال: لا تكن له فتنةً، قال: أفرأيت إن أمرني بمعصيةِ اللهِ؟ قال: ذلك الَّذي تريد، فكن حينئذٍ رجلًا. وقد ذكرنا حديثَ ابنِ مسعود الذي فيه: "يخلف من بعدهم خُلوفٌ، فمن جاهدَهم بيدِه، فهو مؤمنٌ" الحديث (١)، وهذا يدلُّ على جهاد الأمراءِ باليد. وقد استنكر الإِمامُ أحمد هذا الحديث في رواية أبي داود، وقال: هو خلافُ الأحاديث التي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها بالصَّبر على جَوْرِ الأئمة. وقد يجاب عن ذلك: بأنَّ التَّغييرَ باليدِ لا يستلزمُ القتالَ. وقد نصَّ على ذلك أحمدُ أيضًا في رواية صالحٍ، فقال: التَّغييرُ باليد ليسَ بالسَّيف والسِّلاح، وحينئذٍ فجهادُ الأمراءِ باليد أنْ يُزيلَ بيده ما فعلوه مِنَ المنكرات، مثل


= أبي البختري سعيد بن فيروز عن أبي سعيد، وهذا سند فيه انقطاع، وأبو البختري لم يسمع من أبي سعيد.
ورواه أحمد ٣/ ٩١، وأبو نعيم في "الحلية" ٤/ ٣٨٤ من طريق أبي البختري عن رجل عن أبي سعيد .. وقال أبو نعيم: وأما زيد بن أبي أنيسة فسمَّى الرجل، فقال: عن أبي البختري، عن مشفعة، عن أبي سعيد، ثم ذكره بإسناده عن زيد بن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن مشفعة، به.
ومشفعة هذا ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" ٨/ ٥٩، فقال: عن أبي سعيد الخدري، روى عنه أبو البختري .. وقال بعضهم: عن رجل، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحقرنَّ أحدكم .. ".
(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>