للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمُ أخو المسلم، لا يظلِمُه، ولا يَخذُلُه، ولا يَكذِبُه، ولا يَحقِرُه". هذا مأخوذ من قوله - عزّ وجلّ -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠]، فإذا كان المؤمنون إخوةً، أُمروا فيما بينهما بما يُوجب تآلُفَ القلوب واجتماعَها، ونُهوا عمَّا يوجبُ تنافرَ القلوب واختلافَها، وهذا من ذلك.

وأيضًا، فإنَّ الأخَ مِنْ شأنه أن يوصِلَ إلى أخيه النَّفع، ويكفَّ عنه الضَّرر، ومن أعظم الضرِّ الذي يجبُ كفُّه عَنِ الأَخِ المسلم الظُّلم، وهذا لا يختصُّ بالمسلم، بل هو محرَّمٌ في حقِّ كلِّ أحدٍ، وقد سبق الكلام على الظُّلم مستوفى عند ذكر حديث أبي ذرٍّ الإِلهي: "يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلم على نفسي، وجعلته بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا" (١).

ومِنْ ذلك: خِذلانُ المسلم لأخيه، فإنَّ المؤمن مأمورٌ أن يَنصُرَ أخاه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قال: يا رسولَ الله، أنصُرُهُ مَظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: "تمنعه عَنِ الظُّلم، فذلك نصرُك إيَّاه". خرَّجه البخاري بمعناه من حديث أنس (٢)، وخرَّجه مسلم (٣) بمعناه من حديث جابر.


(١) وهو الحديث الرابع والعشرون.
(٢) رواه البخاري (٢٤٤٣) و (٦٩٥٢)، وأحمد ٣/ ٩٩ و ٢٠١، والترمذي (٢٢٥٥)، وصححه ابن حبان (٥١٦٧) و (٥١٦٨).
(٣) برقم (٢٥٨٤)، عن جابر قال: اقتتل غلامان: غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر أو المهاجرون: يا لَلمهاجرين. ونادى الأنصار: يا للأنصار! فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما هذا؟ دعوى أهل الجاهلية؟ " قالوا: لا يا رسول الله! إلا أن غلامين اقتتلا، فكسَع أحدهما الآخر. قال: "فلا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا. إن كان ظالمًا فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلومًا فلينصره".

<<  <  ج: ص:  >  >>