للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العَرَقِ كقدر أعمالهم، فمنهم مَنْ يأخذُه إلى عَقِبَيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حَقْويْهِ، ومنهم من يُلجمه إلجامًا".

وقال ابن مسعود: الأرضُ كلُّها يومَ القيامةِ نارٌ، والجنَّةُ من ورائها ترى أكوابها وكواعبها، فيعرَقُ الرَّجلُ حتَّى يرشَح عرقُه في الأرض قدرَ قامةٍ، ثم يرتفعُ حتَّى يبلغَ أنفه، وما مسَّه الحسابُ، قال: فمم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: ممَّا يرى النَّاس يُصنَعُ بهم (١).

وقال أبو موسى: الشَّمسُ فوق رؤوسِ النَّاس يومَ القيامة، وأعمالهم تُظِلُّهم أو تُضحِيهم (٨).

وفي "المسند" (٢) من حديث عُقبة بن عامرٍ مرفوعًا: "كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقته حتَّى يُفصَلَ بينَ النَّاسِ".

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن يسَّر على مُعسِرٍ، يسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة". هذا أيضًا يدلُّ على أنَّ الإِعسار قد يحصُل في الآخرة، وقد وصف الله يومَ القيامة بأنَّه يومٌ عسير وأنَّه على الكافرين غيرُ يسير، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم، وقال: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان: ٢٦].

والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين: إمَّا بإنظاره إلى الميسرة، وذلك واجبٌ، كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]، وتارةً بالوضع عنه إن كان غريمًا، وإلَّا، فبإعطائه ما يزولُ به إعسارُه، وكلاهما له فضل عظيم.


(١) رواه الطبراني في "البعث"، وقوى إسناده الحافظ في "الفتح" ١١/ ٣٩٤، ومعنى "تُضحيهم": تظهرهم وتبرزهم، من قولهم: ضحيت للشمس، أي: برزت لها.
(٢) ٤/ ١٤٧ - ١٤٨، وصححه ابن حبان (٣٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>