للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة"، وقد روى هذا المعنى أيضًا أبو الدرداء عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١)، وسلوكُ الطَّريقِ لالتماس العلم يدخُلُ فيه سلوكُ الطَّريق الحقيقيِّ، وهو المشيُ بالأقدام إلى مجالسِ العلماء، ويدخلُ فيه سلوكُ الطُّرُق المعنويَّة المؤدِّية إلى حُصولِ العلمِ، مثل حفظه، ودراسته، ومذاكرته، ومطالعته، وكتابته، والتفهُّم له، ونحو ذلك مِنَ الطُّرق المعنوية التي يُتوصَّل بها إلى العلم.

وقوله: "سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة"، قد يُراد بذلك أنَّ الله يسهِّلُ له العلمَ الذي طلبَه، وسلك طريقه، وييسِّرُه عليه، فإنَّ العلمَ طريق موصلٌ إلى الجنة، وهذا كقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧]. قال بعض السلف (٢): هل من طالبِ علمٍ فيعانَ عليه؟

وقد يُراد أيضًا: أنَّ الله يُيسِّرُ لطالب العلم إذا قصد بطلبه وجهَ الله الانتفاعَ به والعملَ بمقتضاه، فيكون سببًا لهدايته ولدخولِ الجنَّة بذلك.

وقد يُيَسِّرُ الله لطالب العلم علومًا أُخَرَ ينتفع بها، وتكونُ موصلة له إلى الجنَّة، كما قيل: من عَمِلَ بما علِمَ، أورثه الله علم ما لم يعلم، وكما قيل: ثوابُ الحسنة الحسنةُ بعدَها، وقد دلَّ على ذلك قولُه تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]، وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: ١٧].

وقد يدخل في ذلك أيضًا تسهيلُ طريق الجنَّة الحِسيِّ يومَ القيامة - وهو الصِّراط - وما قبله وما بعدَه من الأهوال، فييسر ذلك على طالب العلم للانتفاع


(١) رواه أبو داود (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٢٣)، وصححه ابن حبان (٨٨) وهو حسن في الشواهد.
(٢) هو مطر الوراق، رواه عنه الطبري في "جامع البيان" ٢٧/ ٩٧، وأبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>