للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولنرجع إلى شرح حديث أبي هريرة الذي خرَّجه البخاريُّ، وقد قيل: إنَّه أشرف حديثٍ رُوي في ذكر الأولياء (١).

قوله - عزَّ وجلَّ -: "من عادى لي وليًا، فقد آذنتهُ بالحرب" يعني: فقد أعلمتُه بأنِّي محاربٌ له، حيث كان محاربًا لي بمعاداة أوليائي، ولهذا جاء في حديث عائشة: "فقد استحل محاربتي"، وفي حديث أبي أُمامة وغيره: "فقد بارزني بالمحاربة"، وخرج ابن ماجه (٢) بإسناد ضعيف عن معاذ بنِ جبلٍ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "إنَّ يسيرَ الرياءِ شِركٌ، وإن من عادى للهِ وليًا، فقد بارز الله بالمحاربة، وإن الله تعالى يحبُّ الأبرارَ الأتقياءَ الأخفياءَ، الذين إذا غابوا لم يُفتقدوا، وإن حضروا، لم يُدْعَوا، ولم يُعرَفوا، [قلوبهم] مصابيح الهدى، يخرجُون مِنْ كلِّ غبراءَ مظلمةٍ".

فأولياءُ الله تجبُ موالاتُهم، وتَحرُمُ معاداتُهم، كما أنَّ أعداءَهُ تجبُ معاداتُهم، وتحرم موالاتُهم، قال تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١]، وقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: ٥٥، ٥٦]، ووصف أحبَّاءَهُ الذين يُحبهم ويُحبونه بأنَّهم أذلَّةٌ على المؤمنين، أعزَّةٌ على الكافرين، وروى الإِمام أحمد في كتاب "الزهد" (٣) بإسناده عن وهب بن منبِّهٍ، قال: إن الله تعالى قال لموسى - عليه


= عن عبدة. وأشار إليه الحافظ في "الفتح" ١١/ ٣٤٢، وقال: وسنده حسن غريب.
(١) انظر "مجموع الفتاوى" ١٨/ ١٢٩.
(٢) رقم (٣٩٨٩)، ورواه أبو نعيم في "الحلية" ١/ ٥، وفي سنده عيسى بن عبد الرحمن بن فروة الأنصاري، قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، شبيه بالمتروك. وضعفه الحافظ في "الفتح" ١١/ ٣٤٢.
(٣) ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>