للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو: "اللهمَّ اجعل حُبَّك أحبَّ الأشياءِ إليَّ، وخشيتَك أخوف الأشياء عندي، واقطع عنِّي حاجاتِ الدُّنيا بالشَّوق إلى لقائك، وإذا أقررتَ أعيُنَ أهل الدُّنيا من دنياهم، فأقرِرْ عيني من عبادتك" (١).

فأهلُ هذه الدرجة مِنَ المقرَّبين ليس لهم همٌّ إلَّا فيما يُقرِّبُهم ممن يُحبهم ويحبونه، قال بعضُ السلف: العمل على المخافة قد يُغيِّرُه الرجاءُ، والعملُ على المحبة لا يَدخله الفتورُ، ومن كلامِ بعضهم: إذا سئم البطَّالون من بطالتهم، فلن يسأمَ محبُّوكَ من مناجاتك وذكرك.

قال فرقد السَّبَخي: قرأتُ في بعض الكتب: من أحبَّ الله، لم يكن عنده شيءٌ آثَرَ من هواه، ومن أحبَّ الدُّنيا، لم يكن عنده شيءٌ آثر من هوى نفسه، والمحب لله تعالى أميرٌ مؤمَّر على الأمراء زمرته أول الزمر يومَ القيامة، ومجلسه أقربُ المجالس فيما هنالك، والمحبة منتهى القربة والاجتهاد ولن يسأم المحبُّونَ من طول اجتهادهم لله - عز وجل - يُحبُّونه ويحبُّون ذكرَه ويحببونه إلى خلقه يمشون بين عباده بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائحُ، أولئك أولياءُ الله وأحباؤه، وأهلُ صفوته، أولئك الذين لا راحةَ لهم دُونَ لقائه.

وقال فتح الموصليُّ: المحبُّ لا يجد مع حبِّ الله - عز وجل - للدنيا لَذَّةً، ولا يغفل عن ذكر الله طرفة [عينٍ].

وقال محمدُ بنُ النضر الحارثي: ما يكادُ يملُّ القربةَ إلى الله تعالى محبٌّ لله - عز وجل -، وما يكاد يسأمُ من ذلك.

وقال بعضهم: المحبُّ لله طائرُ القلب، كثيرُ الذكر، متسبب إلى رضوانه


= صحيح، وحسنه الترمذي (٣٤٩١).
(١) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٨/ ٢٨٢، عن الهيثم بن مالك الطائي، وهو مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>