للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعظمته، وخوفه، ومهابته، وإجلاله، والأُنسِ به، والشَّوقِ إليه، حتَّى يصيرَ هذا الذي في قلبه من المعرفة مشاهدًا له بعين البصيرة كما قيل:

ساكنٌ في القلب يَعمُرُه … لَسْتُ أنساهُ فأَذكُرُه

غَابَ عَنْ سمعي وعن بصري … فسُوَيدا القَلب تُبصِرُه

قال الفضيلُ بن عياض: إن الله يقول: "كذَب من ادَّعى محبَّتي، ونام عنِّي، أليس كل محبٍّ يُحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا مطَّلِعٌ على أحبابي وقد مثَّلوني بين أعينهم، وخاطبوني على المشاهدة، وكلَّموني بحضورٍ، غدًا أُقِرُّ أعينهم في جناني.

ولا يزالُ هذا الذي في قلوب المحبين المقرَّبين يقوى حتَّى تمتلئ قلوبُهم به، فلا يبقى في قلوبهم غيرُه، ولا تستطيع جوارحُهُم أن تنبعثَ إلَّا بموافقة ما في قلوبهم، ومن كان حالُه هذا، قيل فيه: ما بقي في قلبه إلا الله، والمراد معرفته ومحبته وذكره، وفي هذا المعنى الأثر الإِسرائيلي المشهور: "يقول الله: ما وسعني سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلبُ عبدي المؤمن" (١). وقال بعضُ العارفين: احذروه، فإنه غيورٌ لا يُحبُّ أن يرى في قلبِ عبده غيرَه، وفي هذا يقول بعضهم:

ليس للنَّاسِ موضِعٌ في فؤادي … زاد فيه هواك حتَّى امتلا

وقال آخر:

قَدْ صِيغَ قلبي على مقدار حبِّهمُ … فما لِحبٍّ سواهم فيه مُتَّسعُ


(١) ذكره ابن تيمية في "الفتاوى" ١٨/ ١٢٢، والسخاوي في "المقاصد الحسنة" (٩٩٠)، والزركشي في "التذكرة في الأحاديث المشتهرة" ص ١٣٥، والفتني في "تذكرة الموضوعات" ص ٣٠، والسيوطي في "الدرر المنتثرة" (٣٦٢)، وقالوا: ليس له أصل مرفوع، وهو من الإسرائيليات.

<<  <  ج: ص:  >  >>