للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غُفرانَك، اللهمَّ غُفرانك، اللهمَّ غُفرانك، ثم مات فغُفِر له (١).

ويشهد لهذا ما في "الصحيحين" عن أبي هُريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أن عبدًا أذنب ذنبًا، فقال: ربِّ أذنبتُ ذنبًا فاغفر لي، قال الله تعالى: عَلِمَ عبدي أن له ربًا يغفر الذنب، ويأخذُ به، غفرتُ لعبدي، ثمَّ مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا آخر، فذكر مثل الأوَّل مرتين أخريين" وفي رواية لمسلم: أنه قال في الثالثة: "قد غفرتُ لعبدي، فليعمل ما شاء" (٢). والمعنى: ما دام على هذه الحال كلَّما أذنب استغفر. والظاهر أن مرادهُ الاستغفارُ المقرون بعدم الإِصرار، ولهذا في حديث أبي بكر الصديق، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ما أصرَّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرةً" خرَّجه أبو داود والترمذي (٣).

وأمَّا استغفارُ اللسان مع إصرار القلب على الذنب، فهو دُعاء مجرَّد إن شاء الله أجابه، وإن شاء ردَّه.

وقد يكون الإِصرار مانعًا من الإِجابة، وفي "المسند" (٤) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "ويل للذينَ يُصرُّون على ما فعلوا وهُم يَعلَمون".

وخرَّج ابنُ أبي الدُّنيا من حديث ابن عباس مرفوعًا: "التائب مِنَ الذَّنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من ذنب وهو مقيمٌ عليه كالمستهزئ بربِّه" (٥) ورفعُه


(١) الخبر في "الحلية" ٦/ ٦٨.
(٢) تقدم تخريجه ص ٥١٦.
(٣) رواه أبو داود (١٥١٤)، والترمذي (٣٥٥٩)، وقال: غريب.
(٤) ٢/ ١٦٥ و ٢١٩. ورواه أيضًا البخاري في "الأدب المفرد" (٣٨٠)، والخطيب في "تاريخ بغداد" ٨/ ٢٦٥ - ٢٦٦، وجود إسناده الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" ٣/ ٢٠٢، وحسنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١/ ١١٢.
(٥) ورواه أيضًا البيهقي في "شعب الإِيمان" كما في "الجامع الكبير" للسيوطي وابن عساكر في "تاريخه" ١٥/ ٢٩٥/ ٢. =

<<  <  ج: ص:  >  >>