للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن أشكل فهمُ ذلك من القرآن لقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}، فلهذا اضطربَ الناسُ في هذا، وقال كثير من الناس فيه أقوالًا مستبعدةً.

ومنهم من قال: استُفيد حكم ميراث الابنتين من ميراث الأختين، فإنَّه قال تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}، واستُفيد حكمُ ميراث أكثر من الأختين من حكم ميراث ما فوقَ الاثنتين.

ومنهم من قال: البنتُ مع أخيها لها الثلثُ بنصِّ القرآن، فلأنْ يكونَ لها الثلثُ مع أختها أولى، وسلك بعضُهم مسلكًا آخر، وهو أن الله تعالى ذكر حُكمَ توريث اجتماع الذكور والإناث من الأولاد، وذكر حُكمَ توريثِ الإناث إذا انفردن عن الذُّكور، ولم ينصَّ على حكم انفراد الذكور منهم عن الإناث، وجعل حُكمَ الاجتماع أن الذكرَ له مثلُ حظِّ الأنثيين، فإن اجتمع مع الابن ابنتان فصاعدًا، فله مثلُ نصيب اثنتين منهن، وإن لم يكن معه إلا ابنة واحدة، فله الثلثان ولها الثلث، وقد سمَّى الله ما يستحقه الذكرُ حظّ الأنثيين مطلقًا، وليس الثلثان حظّ الأنثيين في حال اجتماعهما مع الذكر، لأن حظَّهما حينئذ النِّصفُ، فتعيَّن أن يكونَ الثُّلثان حظهما حالَ الانفراد.

وبقي هاهنا قسمٌ ثالث لم يُصرِّح القرآنُ بذكره، وهو حكمُ انفراد الذكور من الولد، وهذا مما يُمكن إدخاله في حديث ابن عباس: "فما بقي، فلأوْلى رجلٍ ذكرٍ"، فإن هذا القسم قد بقي ولم يُصرَّح بحكمه في القرآن، فيكون المالُ حينئذ لأقرب الذكور مِنَ الولد والأمرُ على هذا، فإنه لو اجتمع ابن وابنُ ابنٍ، لكان المال كُلُّه للابن، ولو كان ابنُ ابنٍ وابنُ ابن ابنٍ، لكان المال كلُّه لابنِ الابن على مقتضى حديثِ ابن عباس، والله أعلمَ.

ثم ذكر تعالى حُكمَ ميراث الأبوين، فقال: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا


= (٢٧٢٠)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>