عاهدت عليه وهمت بالغدر، وهو أبشع ما يتصف به قوم، فأقل جزاء لهم الجلاء.
وانطلق محمد بن مسلمة بالرسالة إلى منازل بني النضير، فوجد قوماً انخلعت قلوبهم رعباً، لا يدرون ما الله صانع بهم، وكانوا يخشون أن يبيد الرسول خضراءهم جزاء غدرهم، فلما رأوا محمد بن مسلمة هرعوا إليه وتعلقوا به، وهتفوا بصوت واحد: ما وراءك يا بن مسلمة؟ ما الذي أغضب أبا القاسم فغادر ديارنا دون أن يكلمنا؟ نحن على استعداد لأن ندفع دية الرجلين العامريين وحدنا. ألا يرضيك يا أيا عبد الرحمن هذا؟
وهز محمد بن مسلمة رأسه وقال: ما كان أغناكم عما أنتم فيه لو لم تكونوا قوماً غُدراً. إن رسول الله يأمركم بالجلاء عن المدينة، ومن وُجد منكم بعد عشرة أيام ضربت عنقه.
ولوى ابن مسلمة عنان فرسه وانطلق عائداً وانصرفت يهود تجهز نفسها للخروج، وما ظنوا أنهم قد نجوا من شر فعلتهم التي هموا بها.
وبينا هم في غمرة استعداداتهم للخروج أتاهم رسول من رأس النفاق يقول لهم: يقول لكم عبد الله بن أبي: لا تخرجوا من دياركم وأقيموا في حصنكم، فإن معي ألفين من قومي وغيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم وتمدكم قريظة