لقد غرهم عرض رأس النفاق وحسبوا أنه سيبر بوعده ويدخل معهم حصنهم ويقاتل المسلمين، وما أدركوا أنه لو كان صادقاً لواجه النبي وهو بين قومه وفي مدينته، وما دروا أن الذي يظهر الإسلام خوفاً من محمد لا يمكن أن ينحاز إليهم فيحاربه معهم. إن قلب ابن أُبي قد انهزم سلفاً أمام الرسول فنافق، فلا يمكن أن يقاتل بعد ذلك مع أحد أبداً.
ووقع اليهود في شر أعمالهم، وراحوا ضحية غرورهم وتفاهة تفكيرهم، فأرسلوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون:" إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك "!
فلما بلغت هذه الرسالة رسول الله، كبّر وقال: حاربت يهود، فكبر المسلمون لتكبير رسول الله، فارتجت جنبات المدينة بالهتاف الخالد:" الله أكبر، الله أكبر ". ووصلت أصوات التكبير إلى أسماع المنافقين، فارتعدت فرائصهم وخارت عزائمهم، ونكصوا عن نصرة بني النضير. أما بنو قريظة، فما إن سمعوا دوي التكبير حتى أغلقوا على أنفسهم حصونهم، وقالوا: بل نفي العهد الذي بيننا وبين محمد، فما لنا ولقوم جنوا على أنفسهم، ونكثوا عهودهم!