للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقاذفتها أفكار متضاربة، فهم بين فرح مسرور وحزين مقهور، ودارت الأرض تحت قدمي كعب وهمس لنفسه: أحق ما يقول هؤلاء؟ لا، لا إن هذا أمر أغرب من الخيال ولا بد أن البشيرين يحلمان!

وأفاق كعب من سكرته، وهب صائحاً بأعلى صوته: أيها الناس، لا تصدقوا هذين، فإنهما لا يعلمان ما يقولان فهؤلاء الذين عدوا من بين القتلى هم أشراف العرب وملوك الناس، ووالله إن كان محمد قتل هؤلاء القوم فبطن الأرض خير من ظهرها!

وانسحب الناس بين مصدق ومكذب، وانتظر المسلمون عودة رسول الله لتهنئته بالنصر المبين، فلما عاد – عليه السلام – وتيقن كعب الخبر، راح يبكي قتلى بدر ويُحرض قريشاً بشعره على المسلمين وأخذت الرسل تأتي وتذهب بينه وبين قريش الموتورة، وكان مما أرسل إليه أبو سفيان بن حرب يسأله: " إنك تقرأ الكتاب، ونحن أميون فأينا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق نحن أم محمد؟ "، فقال كعب: أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه! !

وتمادى كعب لما رآه من كف المسلمين أيديهم عنه، ولما يؤمله من قدوم قريش للثأر لقتلى بدر، وألح في هجاء المسلمين، وتطاول على رسول الله بلسانه القذر، وتعرض لنساء المسلمين فشبب بهن وذكرهن بالسوء.

<<  <   >  >>