ــ ـ[عمود١]ـ عهد السلف الصالح علماء مرشدين وصلحاء مربين وإن اختلفوا قلة وكثرة وظهورا وخفاء وعافية وابتلاء. وهؤلاء المرشدون والمربون هم المعنيون بقول ابن عاشر رحمه الله: يصحب شيخا عارف المسالك ... يقيه في طريقه المهالك يذكره الله إذا رءاه ... ويوصل العبد إلى مولاه ولم يقل ابن عاشر: يصحب شيخا جاهل المسالك ... يسلبه من كيسه الفرانك يذكره القبر إذا رءاه ... ويترك العبد إلى هواه وقد شعر علماؤنا باختلال التربية, فنهضوا لإصلاحها حتى تنتج الاستقامة الموصلة إلى سعادة الدنيا والآخرة. ثم شعروا بضرورة الاجتماع وتنظيم الوسائل فأسسوا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي نحن في استقبال عامها الثالث أطال الله في حياتها وثبت خطى رجالها حتى يؤدوا أمانة التربية الإسلامية الصحيحة إلى شعبهم الكريم. وإن في تأسيس هذه الجمعية لقضاء على ظاهرتين من أدل الدلائل على فساد تربيتنا, إحداهما ما كان عليه أغلب علمائنا من التحاسد والشقاق حتى إن البلدة الواحدة تجدها منشقة إلى حزبين إن كان بها عالمان أو إلى ثلاثة إن كان بها ثلاثة وهلم جرا. الظاهرة الثانية ظاهرة الخضوع للعامة وطلب رضاها للطمع في مالها, فأهملت وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي لا حياة للتربية بدونها. وأصبح الغش من دلائل الكياسة وحسن السياسة. وفشت قاعدة ((إذا وجدت قوما يعبدون حمارا فعليك بكثرة الحشيش)) وكان من يحفظ
ـ[عمود٢]ـ هذه القاعدة أكثر كثيرا ممن يسمع حديث «الدين النصيحة». وأملنا وطيد وثقتنا بالله قوية أن يتم القضاء على هاتين الظاهرتين بسلامة الجمعية من مكائد الكائدين, وبطول حياتها لإحياء سنن الدين. وإنا لنرجو من رجالها المخلصين أن يصدقوا ما عاهدوا الله عليه غير مبالين بسخط من سخط. اتق الله فأغبى الورى ... من أغضب الرب وأرضى العبيد وإن كان لفتنة الفتانين أثر فليكن في مالية الجمعية لا في همم رجالها, على أن مالية الجمعية قد سارت إلى الأمام فقد بلغت ((٦١٢٢١.٤٠ فرنك)) أربعين صانتيما وأحدا وعشرين فرنكا ومائتين وأحدا وستين ألفا, منها فضل السنة الأولى وهو ((١٩٢٣٩.٤٠ فرنك)) أربعون صانتيما وتسعة وثلاثون فرنكا ومائتان وتسعة عشر ألفا, ومنها ما قبض في هذه السنة الثانية ولكنه للسنة الأولى وهو ((٣٢٦٠.٠٠ فرنك)) ستون فرنكا ومائتان وثلاثة آلاف, فيكون المقبوض لهذه السنة الثانية خاصة هو ((٣٨٧٢٢.٠٠ فرنك)) اثنين وعشرون فرنك وسبعمائة وثمانية وثلاثين ألفا. وهذا الدخل يتكون من جميع جهات الوطن كالجزائر والقليعة وبوفاريك والبليدة والمدية والبرواقية والجلفة وزنينة والأغواط وغرداية وبوسعادة وتلمسان وسيق ومستغانم وقسنطينة وعين مليلة وباتنة وبسكرة وتبسة ومسكيانة وسوق هراس وشاطودان والعلمة ((سانتارنو)) وسطيف وآقبو وسيدي عيش وبجاية وجيجل والميلية والقرارم وميلة وما في حكمهن. وهذا مما يوضح كون الجمعية جمعية الشعب ولا يدع متمسكا لمن يحاول تصويرها بصورة طائفية. وإذا وازنتم بين دخل السنتين
ـ[عمود٣]ـ ألفيتم مصداق قولنا أن مالية الجمعية قد سارت إلى الأمام, ومع ذلك نرى أن هذه المالية ضعيفة إذا قيست بقوة الأمة حقيرة أمام عظمة المشروع, ولكن ما يعد ضعيفا حقيرا - وهو مجرد من كل اعتبار - قد يعد قويا عظيما مع اعتبارات. وإن من الاعتبارات التي تجعل ماليتنا هذه قوية عظيمة استحكام حلقات الأزمة، واشتداد فتنة الفتانين واشتغال رجال الإدارة عن إحضار برنامج يتوقف تنفيذه على الأموال الطائلة. وإن مما يجري مجرى الدخل - وإن لم يعد فيه - قيام الشعب بحاجيات وفود الجمعية أينما حلت وتكفلهم بلوازم إقامتهم وسفرهم وإحضار السيارات الخاصة لركوبهم إظهارا للحفاوة بهم وإن ما أنفقه الشعب على الجمعية في هذا الباب يعد بالآلاف العديدة. تلك كلمتنا عن الدخل أما الخرج فقد بلغ هذه السنة ((٢٦٥٢٦.٧٥ فرنك)) خمسة وسبعين صانتيما وستة وعشرين فرنكا وخمسمائة وستة وعشرين ألفا. منها ما عززت به صحيفة ((السنة)) على وجه القرض وهو ((٣٩٣٧.٥٥ فرنك)) خمسة وخمسون صانتيما وسبعة وثلاثون فرنكا وتسعمائة وثلاثة آلاف. فالخرج الحقيقي للجمعية هو ((٢٢٥٨٩.٢٠ فرنك)) عشرون صانتيما وتسعة وثمانون فرنكا و خمسمائة واثنان وعشرون ألفا والباقي على الخرج والقرض هو ((٣٤٦٩٤.٦٥ فرنك)) خمسة وستون صانتيما وأربعة وتسعون فرنكا وستمائة وأربعة وثلاثون ألفا. والباقي منها بالبنك ((٣٤٥٣٨.٤٠ فرنكا)) أربعون صانتيما وثمانية وثلاثون فرنكا وخمسمائة وأربعة وثلاثون ألفا. والباقي تحت يدي الآن هو ((١٥٦.٢٥ فرنك)) خمسة وعشرون صانتيما وستة وخمسون فرنكا ومائة فرنكا.