للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


الصفحة ٧
ــ
الخطب البونية في الذكرى النبوية
خطبة المعلم الناصح الشيخ محمد نمر
ـ[عمود:١]ـ
الحمد لله حمد العارفين بربهم والمخلصين له في أعمالهم والصلاة والسلام على رسول الله الكريم المبعوث بعدما مضت فترة من الرسل بالدين المستقيم وبما فيه سعادة الدارين فهو المصلح العظيم وعلى آله وأصحابه الذين اهتدوا بهديه فرفع الله شأنهم وأيدهم بنصره, أيها الإخوان الحاضرون إن ضيفنا الكريم لا يحتاج بين أمثالكم إلى تعريف وذكره بين الخاص والعام صار كنار على علم.
وبعد فمرحبا بك يا أستاذنا المبرور والذائد عن حمى شريعتنا المنصور, ثم ها أنا أقدم لك عبارات الترحيب والتهنية بلسان مجموع الأمة البونية ونشكرك على إجابة دعوتنا ومساعدتك على مرغوبنا كما نعرب عن إخلاص مودتنا لكم وتأييدنا ولا منة لنا عليكم في ذلك إن كان حب العلم والعلماء من واجبات ديننا ويا ليتنا جميعا عرفنا ما للعلماء علينا من واجبات فاتبعناهم وأيدناهم ونصرناهم على ذوي الأغراض السفلة والمشاغبات ولكنا ويا للأسف يجدر بنا أن ينشد في حقنا ما قاله شاعر العراق:
إذا ما رأينا واحدا قام بانيا ... هناك, رأينا خلفه ألف هادم
أيها السادة إنني أعرفكم بمبدإ جمعيتنا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وما قدمته من الأعمال الخالصة لأمتنا وللدين والوطن سعيا وراء لم شعث المسلمين وابتغاء وجه الله الكريم.
تكونت حركة الإصلاح فينا على يد علمائنا العاملين المخلصين فألفوا الجمعية السالفة الذكر وعلى رأسها الأستاذ باديس. ما ذا قام المصلحون به, وما الشؤون التي يدعوننا إليها, وما الأعمال التي خدمت الأمة الجمعية بها؟ قام المصلحون من علمائنا في زمان تفرقت فيه أهواؤنا وتشتت آراؤنا وخيم الجهل على ربوعنا وتركنا العمل بما شرعه الله لنا في السنة والكتاب وتعددت المعبودات وإن شئتم فقولوا الأرباب. يدعوننا إلى التمسك بكتاب ربنا

ـ[عمود٢]ـ
وسنة نبينا والعمل بشريعة الإسلام النقية الموجودة في ضمنهما يدعوننا إلى نبذ العوائد والخرافات الملصقة بالدين التي ما أنزل الله بها من سلطان يدعوننا إلى عبادة الله وحده والتمسك بحبله والاعتماد عليه في شؤوننا الدينية والدنيوية, قاموا قومة رجل واحد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوجهون أغراضنا ويلفتوننا نحو تعاليم ديننا الراقية النبيلة يصرخون فينا أن اعتمدوا على الله واستعينوا بالله واسألوا الله وتوكلوا عليه في جلب المصالح ودفع المضار الخ مما يطول شرحه ولا يتسع المقام له, وهنا صاح ذوو الأغراض الشخصية الانتفاعيون من أبناء جنسنا صيحة حمر الوحش وتدرعوا بدروع التمويه وقلب الحقائق وتنوعوا في الاختلاق على العلماء والرمي لهم بما سولت لهم نفوسهم وليت شعري ما حملهم على هذه الأعمال المرذولة التي تهدم الأمة وتبعدها عن الإسلام الصحيح ويبقى الجهل سائدا عليها ولكن لا يخفى على البصير إذا ألقى نظرة على أعمالهم ما يجنون من ورائها وكيف تخفى فائدة استعبادهم للأمة وما يأخذونه منها باسم
الزردة و الوعدة والزيارة!. أما الجمعية فإن مبدأها إحياء السنة وإماتة البدعة والعمل على الرجوع بالأمة إلى ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والاتحاد والإخاء وعدم التفريق في الدين والتخلق بأخلاق خاتم المرسلين وهي تحارب كل ما ذكرنا من البدع والخرافات وما لم نذكره مما يشوه سمعة الإسلام والمسلمين وأخيرا نسأل الله الكبير المتعال أن يوفقنا وإياكم في الأقوال والأعمال وينصر العلماء العاملين المخلصين بجاه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد بن بلقاسم نمر العرباتني
عنابة

ـ[عمود٣]ـ
التغليط والتخليط
آفة في الدين والاجتماع
حذار أيها المسلمون
من المغلطين والمخلطين
١
علم الله وكثير من العباد أيضا, أن المغلطين والمخلطين قد حاربوا العلم والعلماء بجميع أنواع الكيد والتغليط وسائر ضروب المكر والتخليط, كل ذلك لأجل إبقاء الخلق في دياجير الظلام, منسوجا على عقولهم عنكبوت الجهل المركب الفتاك الذي به يتوصلون إلى حاجاتهم المقصودة وغاياتهم المنشودة, حتى يجعلوا عباد الله حلوبة يستدرونها ومطية ذلولا يقضون بها مآربهم, فلم يألوا جهدا ولم يدخروا قوة بجميع ما أوتوا من سياسة التضليل فبذروا في الأرض كل شقاق وغرسوا في نفوس الغفلة كل بغض وحقد ونفاق, فكانت المحاولة لو صادفت السهولة ضربة قاضية على الإسلام والمسلمين بتمزيقهم كل ممزق ولكن (والمنة لله) كانت وقاية الله هي الحارسة على عباده الدافعة والدامغة لكل هدام غلاق, ومن يتوكل على الله فهو حسبه وفاتح في وجهه الباب والطاق.
لقد أسلفنا الكلام في أعداد مضت من السنة النبوية المرحومة حول بعض الشبه التي جعلها القوم مجنا يقبهم من الحق, وترسا يحفظهم من أهله بصفة كادت أن تقضي (أو قضت بالفعل) على الدعاوي الباطلة وذهبت بجل المبطلين حتى لو بقي منهم القليل فما هم بالنسبة إلى الحملات التي ستدهمهم من ناحية ذلك الحق الذي زعموا أنهم مقتدرون على دحضه إلا كذبابة سقطت في قصعة من ثريد فإما أن تزال ولو مع ما حولها من الطعام إذ لا يضر ما ينضح لأجل التطهير, وإما أن تترك

<<  <  ج: ص:  >  >>