ــ ـ[عمود:١]ـ نحن والطرقيون - أو - حادث الاعتداء على الأستاذ الزاهري بقلم الأستاذ الطيب العقبي العضو الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين. قبيح: هو الاعتداء على الأشخاص, وفظيع جدا أن يكون ذلك الاعتداء لا لسبب سوى محاربة المعتدى عليهم في معتقدهم وحرية تفكيرهم, ويشتد قبح هذا الاعتداء وتعظم فظاعته إذا كان المعتدون من رجال الدين وحملة زعامته ... وليس بجميل أن يعتدي أي تلميذ تابع لرئيس ديني يرشده إلى أقرب المسالك ويقيه في طريقه المهالك على أي عبد من عباد الله كيفما كان دينه وتفكيره. لأن أحق الناس بفهم معنى الحرية الدينية هم أولئك السالكون. أما إذا كان ذلك الاعتداء نتيجة التآمر مع الشيخ المربي والمرشد المسلك فتلك هي البلية العظمى ورزية المجتمع البشري في طائفة من مجموعته تتبعها وتصغى لصوتها جماعات كلما نعقت بها ودعتها لما تسمع وتفهم, ولما لا تسمع ولا تفهم ... وهذا ما منيت به بلاد الجزائر ولا سيما في العصر الحاضر. بينما هي في ضلالها القديم تتخبط, وبينما رؤساء الأمة ومرشدوها لا يكادون يهتدون إلى الحق ويهدونها سواء السبيل وبينما التبعة الكبرى والمسئولية العظمى يلقيها كل عاقل ومفكر على العلماء, وهؤلاء يعتقدون بما يقبل وبما لا يقبل إذ قيض الله عصبة المصلحين العاملين لخير هذه الأمة وصلاحها فقام منهم من لا تأخذه في الله لومة لائم يبينون للناس دينهم الحق بالحجة والبرهان, ويفهمونهم تعاليم نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم في أسهل عبارة وأوضح بيان, داعين إلى سبيل ربهم بالحكمة
ـ[عمود٢]ـ والموعظة الحسنة, ومجادلين من تصدى لجدالهم بالتي هي أحسن غير هيابين ولا وجلين, فلم يرق لأولئك الرؤساء المسلكين وجودهم ولم تحل دعواتهم تلك لأسماعهم, ذلك لأنها تضر بمصالحهم الخاصة ولا تتفق بحال من الأحوال مع تعاليمهم واصطلاحاتهم التي أسسوا بها عرش عزهم ومجدهم وقادوا بها الفريق الكبير من الأمة في حين غفلتها وجهلها حتى سخروها لقضاء أوطارهم ونيل مآربهم, وسرعان ما انفضت الأمة عنهم وأقبلت ذلك الإقبال الهائل على المصلحين (وذلك شأن كل مغرور ومخدوع مع من غره وخدعه حتى وجد من يهديه سواء الطريق) فكبر أمر هؤلاء المصلحين عند أولئك المبطلين من الطرقيين وأهمهم بالخصوص أن يصبحوا محتقرين في نظر من كانوا لهم عابدين, ولم يجدوا لهم في مقاومة المصلحين من حجة ولا برهان إذا هم حاجوهم وجادلوهم فما وسعهم إلا الالتجاء إلى سلاح الكذب والبهتان وقلب الحقائق تضليلا للعامة وتغليطا للرأي العام ورمي المؤمنين الموحدين والعلماء العاملين بكل إفك وباطل فقالوا عنا: إننا ننكر الوسيلة إلى الله بحب الأولياء والأنبياء؛ وإننا لا نتقرب إليه بالطاعات وصالح الأعمال وقالوا إننا نحط من كرامة نبينا ((محمد)) صلى الله عليه وسلم وننتقص من قدره وننكر شفاعته يوم القيامة, وإننا نسميه موزع بريد (فكتور) وأنهم سمعوا ذلك منا المرار العديدة (ولعنة الله على الكاذبين) وقالوا ولا يزالون يقولون في جرائدهم
ـ[عمود٣]ـ الكاذبة الخاطئة كلما شاءوا وشاءت لهم أهواؤهم, فلم يصد كل ذلك الأمة عنا ولم يفت في ساعدنا ولا قلل من تأثير دعوتنا الطيبة وخطتنا الرشيدة, إذ علمت الأمة أن كل تهمة يتهم بها الخصم المغرض خصمه البريء النزيه هي باطلة أو مبالغ فيها على الأقل فأخذت رغبتها في مطالعة جرائد الإصلاح والاجتماع برجاله تشتد وتعظم وكلما أخذت الحق من منبعه وعرفت حقيقة المصلحين لعنت أولئك المفترين وعرفت مقدار دعواهم الإسلام والإيمان, وأعرضت عن جرائدهم فبطل ما كانوا يأفكون. وكما حاولوا تضليل الأمة وتغليطها فلم يفلحوا, هم محاولون أيضا تغليط رجال الحكومة لعلهم ينتقمون لهم من هؤلاء المصلحين فيفتكون بهم ويريحونهم منهم, وسيخيبون مع الإدارة ورجالها ويخسرون الصفقة كما خسروا مع الأمة المفكرة في مخازيهم الشاعرة بمكائدهم اليوم. وستعلم الإدارة أن هؤلاء الكاذبين الذين يكذبون ويقولون: {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله} فيعطون الحجة والدليل للناس على كفرهم وتكذيبهم بالله وآياته هم ألد أعدائها وأضر الناس بمصالحها وأنه ما أوقعها في كثير من المشاكل إلا كذبهم وافترائهم ... انتبهت الأمة لكيد هؤلاء المتمربطين فلم تعد تصدقهم في كذبهم وكل ما ينسبونه إلى المصلحين في جرائدهم ليحطوا من أقدارهم وينفروها عنهم فنبذتهم واحتقرتهم وقبضت يدها فلم تمدها بالإعانة المالية إليهم ولم يبق لهم منها من يتبعهم سوى أناس لهم منافع خاصة وعلاقات شخصية تربطهم بهم. أو آخرين بلغ الجهل بهم حدا صيرهم هم وبهيمة الأنعام سواء فلم يقدروا على أن يستفيدوا منهم أكثر من إشلائهم على العلماء المصلحين وإغرائهم على الفتك بهم, سيما في الحالة التي لا يجدون فيها من الحكومة ورجالها من يساعدهم على تنفيذ أغراضهم وما يشتهون إنزاله بالمصلحين لتخلو لهم الأرض منهم