ــ ـ[عمود:١]ـ هنالك مثل ما هنا, في كل واد أثر من ثعلبة! , نشرت ((البلاغ)) ما يلي: الدين الإسلامي بين المبشرين والمبتدعين لست أذيع سرا إذا ما جاهرت عن يقين ثابت وعقيدة راسخة بأن المسلمين الآن بين شقي الرحى, تضغطهم أعمال المبشرين التي ذاع أمرها واستفاض خبرها, وتصرفات المبتدعين الذين يدخلون في الدين ما ليس منه, ولئن حمدت للأمة اهتمامها بأمر المبشرين وانتهاج الوسائل المؤدية إلى الحد من طغيانهم والقضاء على أغراضهم, فإنه لا يزال عالقا بنفسي أثر سيء مما يأتيه المبتدعون هادما لبنيان الدين, وناقضا لتعاليمه من أساسها, ولو أحسنت الحكومة صنعا لعملت على تحرير الدين مما علق به بفعل جماعة من المسلمين لا يعنيهم من أمر دينهم غير أن تشبع بطونهم وتمتلئ جيوبهم, أولئك على الدين أشد ضررا وأكثر خطرا من المبشرين. ذلك لأن جماعة المبشرين إنما يدعون إلى الخروج على الدين إطلاقا ويروجون لاعتناق دين غيره وتلك دعوة ينبني على مجرد الجهر بها النفور عنها اللهم إلا عند نفر قليل تدفعهم الحاجة إلى الاستسلام وتغريهم الفاقة بالاستكانة, وهؤلاء لا يلبثون أن يصدوا عن الدعوة ويرجعوا إلى الهدى عندما يرون بأعينهم أن المنشآت التي أعدت لهم بين أهل دينهم ستغنيهم عن التردد على أماكن المبشرين فتكتب لهم النجاة من المهاوي السحيقة التي كانوا على وشك التردي فيها, ولكن ما ظنك بجماعة ليسوا من المبشرين حتى نجتنبهم, ولا يدعون للخروج على الإسلام حتى نتحاشاهم, وإنما هم مسلمون أولا, يلبسون لباس الإسلام, ويتزيون بزيه وجاءوا تحت ستار لباسهم الزائف يجتذبون نفرا من المسلمين, ينفثون فيهم سموم خرافات وأوهام ما أنزل الله بها من سلطان بدعوى أن تلك الخرافات من الدين وأن من لم يتبعها وينسج على منوالهم فيها يبوء بغضب من الله ورسوله ويكون من
ـ[عمود٢]ـ الكافرين. لا شك أن هؤلاء أشد ضررا على الإسلام من المبشرين الذين قدمنا أن معالجة أمرهم باتت وشيكة النجاح, وأن دعوتهم عند الكثيرين لا تصادف ما قدر لها من رواج. فأنت تشهد فريقا من أرباب الطرق الذين يزعمون أنهم ينتسبون إلى (الصوفية) يصرفون جهدهم في إفهام عامة الشعب أن طريقتهم هي المثلى وأن خطتهم هي القويمة, وأن من لم يخضع لتقاليدهم لا يزكيه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه, وهم في هذا المضمار يتسابقون ويتنافسون, كل يرمي الآخر بالمروق والزندقة, وكل يدعي لنفسه السبق والتفوق: وكل يدعي وصلا لليلى ... وليلى لا تقر له بذاك فإذا ما حدثت أحد ((المريدين)) نفسه أن يسلك الطريق, ويرتدي مرقعته, تبين له بعد البحث والاختبار أن المسألة ليست مسألة طريق ولا مسألة تصوف أريد بها وجه الله والإسلام, وإنما هي مسألة خلق أوهام وحشد جيش من الخرافات في الذهن عندما يقال له: إنك إذا ذكرت بالاسم الفلاني كذا مرة أكلت النار وداعبت الأفاعي, وإذا تلوت التميمة الفلانية أوتيت العلم ونظمت الشعر وإذا استرضيت (الشيخ) بكذا وكذا (وهذا هو بيت القصيد) كشف عنك الحجاب. كل هذا وتعاليم الدين الأساسية لا حساب لها في تقديرهم, فلا دعوة لاجتناب محرم ولا استحثاث همة للقيام بمفروض, وبطبيعة الحال فإن الإنسان يكون معذورا إذا ما أهمل الفرائض ولم يتورع عن المحارم طالما كان قصد الجميع الحصول على رضا الله, ورضا الله كما يدخل في الورع متوقف على رضا الشيخ. . . من أجل هذا كان حقا على من يهمهم أمر الدين ويعنون بشؤون المسلمين أن يعملوا على تطهيره من أمثال هذه البدع وأن يضربوا بيد من حديد على رؤوس الذين يتخذون الدين ستارا يخفون وراءه أغراضهم ومآربهم ... محمد جير فودة
ـ[عمود٣]ـ العلماء العاملون حماة الأمة أمين مالية جمعية العلماء في القرارم بقلم الأخ العالم العامل صاحب الإمضاء. إن أسعد ساعة قضاها الإنسان في هذه الحياة وأفضل حلقة مرت به من سلسلة تلك الحياة ما كانت في سبيل العلم, العلم النافع الذي تعود فوائده وتجنى ثمرته, على أمة هي في أشد الحاجة إلى جهود عظيمة ونفوس كبيرة يبذلها الفرد لإسعاد أمته, السعادة الحقة, السعادة الدينية والدنيوية, السعادة التي لا شقاء معها سواء في ذي الدار أو في تلك الدار. من بين أفراد أمتنا الجزائرية المسلمة, أفراد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين أخلصوا لخالقهم في إيمانهم وتصديقهم, فطهرت نفوسهم وزكت أعمالهم الصالحة النافعة لبني الإنسان. رأى المطلعون على المجريات الجزائرية ما أسدته هاته الجمعية المباركة للأمة من النصائح والأعمال, وصار معلوما حتى عند أضدادها نبل مقصدها وشرف غايتها, فانتفع بها قوم أراد الله بهم خيرا, وكابر فيها آخرون فكانت الدائرة عليهم بحكم العزيز الحكيم, وبقي فريق من الأمة لا زال بعيدا عن حركتها سيأتيه يوم وما هو ببعيد يكون من أنصارها إن شاء الله. رجال رأوا رأي العين ما عليه أمتهم من ضعف دين إلى فساد أخلاق إلى سقوط في هاوية لا مفر منها, أيلذ لهم عيش وتحلو لهم حياة ويطيب لهم نوم وأمتهم في كل هذا؟؟؟ إذا رضي العالم هذا فخير له الموت على الحياة. من أفراد العلماء العاملين حقا في هذا الوطن العالم الأستاذ الشيخ مبارك الميلي أمين مال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ومدير مدرسة الشبيبة بالأغواط. من ذا الذي يجحد ما بذله هذا الأستاذ من الجهود في سبيل إسعاد أمته؟ وأي شخص لا يرى الأستاذ خدم أمته خدمة ستظل محفوظة عندها؟. إن وجد هذا فإننا نطلب منه أن يفتح عينيه ليرى ذلك الفراغ الهائل الذي سده الأستاذ بكتابه تاريخ الجزائر في القديم والحديث الذي قد سد ثلمة عظيمة من سور الجزائر المتصدع.