ب- في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة، أو بالأحرى ليست هي السبب في تخفيف العذاب، وذلك قوله: "ثم دعا بعسيبٍ فشقه اثنين" يعني طولاً، فإن من المعلوم أن شقه سببٌ لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعةٍ، فتكون مدةُ التخفيف أقل ممّا لو لم يُشَقّ، فلو كانت هي العلة؛ لأبقاه - صلى الله عليه وسلم - بدون شقٍّ ولوضع على كلِّ قبرٍ عسيبًا أو نصفه على الأقل، فإذ لم يفعل دلَّ على أن النداوة ليست هي السبب، وتعين أنها علامةٌ على مدة التخفيف الذي أذن الله به استجابةً لشفاعةِ نبيه - صلى الله عليه وسلم -، كما هو مصرح به في حديث جابرٍ، وبذلك يتفق الحديثان في تعيين السبب، وإن احتمل اختلافهما في الواقعة وتعددها. فتأمل هذا، فإنما هو شيء انقدح في نفسي، ولم أجد من نصّ عليه أو أشار إليه من العلماء، فإن كان صوابًا فمن الله تعالى، وإن كان خطأ فهو مني، واستغفره من كل ما لا يرضيه". وانظر "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٥٩ - ٢٦٠) للمصنف. (١) انظر الهامش السابق.