فعلى هذا المأخذ؛ لا يصحُّ لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة. والثاني: أن لا يعتقدوا الاختصاص، ولكنهم تركوا ذلك من باب الذرائع؛ خوفًا من أن يُجعلى ذلك سُنَةً؛ كما تقدَم ذِكْرُه في اتباع الآثار والنهي عن ذلك، أو لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد، بل تتجاوز فيه الحدود، وتبالغ بجهلها في التماس البركة، حتى يداخلها للمتبرِّك به تعظيمٌ يُخرج به عن الحد، فربما اعتقدت في المتبرَّك به ما ليس فيه، وهذا التبرُك هو أصل العبادة، ولأجله قطع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل هو كان أصل عبادة الأوثان في الأمم الخالية -حسبما ذكره أهل السير (ب) -، فخاف عمر -رضي الله عنه - أن يتمادى الحال في الصلاة إلى تلك الشجرة حتى تُعْبَد من دون الله، فكذلك يتَّفق عند التوغل في التعظيم. ولقد حكى الفَرْغَاني مُذَيِّلُ "تاريخ الطبري" عن الحلاج: أن أصحابه بالغوا في التبرك به (ج)، حتى كانوا يتمسحون ببوله، ويتبخرون بعَذِرَتهِ، حتى ادَعَوْا =