للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= "أما لو لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الماء غير هذا الحديث لساغ في الماء بعض هذا التأويل؛ ولكن قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الماء أنه لا ينجسه شيء- يريد إلا ما غلب عليه، بدليل الاجماع على ذلك. وهذا الحديث موافق لما وصف الله عز وجل به الماء في قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)} [الفرقان: ٤٨]- يعني لا ينجسه شيء إلا أن يغلب عليه" قال:
"وقد أجمعوا معنا على أن ورود الماء على النجاسة لا يضره، وأنه مطهر لها؛ وطاهر في ذاته إن لم يتغير بها طعمه أو لونه أو ريحه، فبان بذلك صحة قولنا؛ وعلمنا بكتاب الله وسنة رسوله أن أمره - صلى الله عليه وسلم - القائم من نومه أن لا يغمس يده في وضوئه، إنما ذلك ندب وأدب وسنة قائمة لمن كانت يده طاهرة وغير طاهرة؛ لأنه لو أراد بذلك النجاسة، لأمر بغسل المخرجين أولاً، ولقال: إذا قام أحدكم من نومه فلينظر يده؛ فإن لم يكن فيها نجاسة، أدخلها في وضوئه؛ وإن كانت في يده نجاسة، غسلها قبل أن يدخلها؛ هذا على مذهب من جعل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنه لا يدري أين باتت يده" علة احتياط خوف إصابته بها نجاسة، وذلك أنهم كانوا يستنجون بالأحجار من غير ماء؛ فالأحجار لا بد أن يبقى فيها أثر، فربما حكه أو مسه بيده، فأمروا بالاحتياط في ذلك؛ ومن جعل ذلك ندبًا وسنة مسنونة، قال: اليد على طهارتها، وليس الشك بعامل فيها، والماء لا ينجسه شيء، والله أعلم" قال:
"وقد أجمع جمهور العلماء على أن الذي يبيت في سراويله وينام فيها، ثم يقوم من نومه ذلك، أنه مندوب إلى غسل يده قبل أن يدخلها في إناء وضوئه؛ ومنهم من أوجب عليه -مع حاله هذه- غسل يده فرضًا على ما نذكره في هذا الباب -إن شاء الله-.
ومعلوم أن من بات في سراويله، لا يخاف عليه أن يمس بيده نجاسة في الأغلب من أمره؛ فعلمنا بهذا كله أن المراد بهذا الحديث، ليس كما ظنه أصحاب الشافعي، والله أعلم" ثم قال:
"وقد نقضوا قولهم في ورود الماء على النجاسة، لأنهم يقولون: إذا ورد الماء على نجاسة في إناء أو موضعه وكان الماء دون القلتين؛ أن النجاسة تفسده، =

<<  <   >  >>