والعلامة ذو الوزارتين لسان الدين اين الخطيب (مولده سنة ثلاثة عشر وسبعمائة وتوفي تقريباً خمس وسبعين وسبعمائة) :
لله موقفك الذي وثباته ... وثبابه مثل به يتمثل
والخيل خط والمجال صحيفة ... والسمر تنقط والصوارم تشكل
والبيض قد كسرت حروف جفونها ... وعوامل الأسل المثقف تعمل
لله قومك عند مستجر القنا ... إذ ثوب الداعي المهيب واقبلوا
قوم إذا لفح الهجير وجوههم ... حجبوا برايات الجهاد وظللوا
وقال السيد الفاضل شمس الدين محمد بن الصاحب موفق الدين الآمدي:
وإذا سرى يلقي السنابك ضعف ما ... يراه فوق الطروس من الجفا
مزاج كأس الراح من ماء الظبا ... كما أسال من النجيع القرقفا
كأس العجاج ترى الكماة شخوصها ... والبيض فوقهم حباب قد طفا
خضب النجيع لكل سيف معصما ... ولكل رمح أصبعا قد طرفا
وقال عبد العزيز بن نباتة:
وولوا عليها يقدمون رماحنا ... وتقدمها أعناقهم والمناكب
كتبنا بأطراف القنا لظهورهم ... عيونا لها وقع السيوف حواجب
وقال الشهاب محمد يمدح الأشرف خليل بن قلاون:
فصبحتها بالجيش كالروض بهجة ... صوارمه أنهاره والقنا الزهر
وأبدعت بل كالبحر والبيض موجه ... وحرد المذاكي سفن جودك الدر
وأغربت بل كالليل عوج سيوفه ... أهلته والنيل أنجمه الزهر
وأخطأت لا بل كالنهار فشمسه ... جيوشك والآصال راياتك الصفر
وقال الأسعد بن مماتي يمدح الظاهر غازي:
أسكران نديم العدو غاز ... وأسماء الملوك لها حلاها
كأن السمر ريشها طوال ... فكم نفس بهن قد استقاها
إذا اكتحلت عيون من عداة ... بغير حيلة وجدت عماها
وأطمع نفس أسمره وأضحى ... يفتش عن نفوس ما خباها
كأنك خلتها سترت كمينا ... فتطعنها لتبصر ما وراها
سل البيت المقدس عنه يخ? ... بر بسورة فتحه لما تلاها
محا الناقوس والصلبان عنه ... وأثبت هل أتى فيه وطاها
وقال التهامي رحمة الله عليه:
ودحوا فويق الأرض أرضا من دم ... ثم أثبتوا فثنوا سماء غبار
قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها ... سحبا مزررة على أقمار
وترى سيوف الدارعين كأنها ... لجج تمد بها أكف بحار
حثوا الجياد من المطي وراوحوا ... بين السروج هناك والأكوار
وكأنما ملئوا عباب دروعهم ... وعمود نصلهم شراب قفار
وقال سبط بن الجوزي لما صالح الكامل الفرنج على دمياط وعاينوا الهلاك أرسلوا إليه يطلبون الصلح والرهان ويسلمون دمياط فمن حرص الكامل على خلاص دمياط منهم أجابهم ولو أقاموا يومين أخذوهم برقابهم فبعث إليهم الكامل ابنه الصالح أيوب وابن أخيه شمس الملوك وجاءت ملوكهم إلى الكامل فالتقاهم وأنعم عليهم وضرب لهم الخيام ووصل المعظم والأشراف في تلك الحال إلى المنصورة وذلك في ثالث رجب سنة ثمان عشرة وستمائة فجلس الكامل في خيمة عظيمة كبيرة عالية ومد سماطا وأحضر ملوك الإفرنج والخيالة ووقف في خدمته أخوته المعظم والأشرف وغيرهما وقام شرف الدين راجح الحلي وأنشد:
هنيئا فإن السعد راح مخلدا ... وقد أنجز الرحمن بالنصر موعدا
حبانا إله الخلق فتحًا بدا لنا ... مبينا وأنعاما وعزا مؤبدا
تهلل وجه الأرض بعد قطوبه ... وأصبح وجه الشرك بالظلم أسودا
ولما طغى البحر الخضم بأهله ... الطغاة وأضحى بالمراكب من بدا
أقام لهذا الدين من سل عزمه ... صقيلا كما سل الحسام مجردا
فلم ينج إلا كل سلو مجندل ... ثوى منهم أو من تراه مقيدا
ونادى لسان الكفر في الأرض رافعا ... عقيرته في الخافقين ومنشدا
أعباد عيسى إن عيسى وحزبه ... وموسى جميعا يخدمون محمدا
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة بلغني أنه وقت الإنشاد أشار عند قوله عيسى إلى المعظم وعند قوله موسى إلى الأشراف وعند قوله محمد إلى الكامل وهذا من أحسن الاتفاق.