للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ جمال بن نباتة مقاضى ملوحة بدرب الحجاز يا مولانا ما كأن الملوحة إلا قد اتخذت سبيلها في بحار السراب سربا أو تعلمت من تلك الهمة فاتخذت إلى نهر المجرة سبباً وجعل فضلها مقصورا على الاسماع وخلفت من الملائكة فلا يمكن على صورها الإطلاع ولا غرو فإنها ذات أجنحة مثنى وثلاث ورباع وتوقفت من المنع والعطاء بين أمرين وحظيت من مولانا ومن الجناب الفخري بمجمع البحرين وما أظن الظن أن يتفق هذا الظن هذا ولو أنها من نسل حوت يونس عليه الصلاة والتسليم وان عظمها مما يسبح في بطن آكله إلى يوم يحيى العظام وهي رميم وان بينها ألذ من القرب بعد البين الطويل ورأيها أحسن من رأى عمرو بن العاص في الأمر الجليل وأن قمصها اللؤلؤية مما تنظم في السلوك وأذيالها المرجانية مما ترصعه في نيجانها الملوك وعوينها الدرية هي التي دلت الخضر على عين الحياة فوردها وأن بطونها الذهبية غني من قصدها وعلى الجملة فقد سطر المملوك هذه الورقة ولقم الانتظار تزاحم القلم في يده وأنامله المستعدة كالصنانير في تصديه لها وتصيده فمولانا يتدارك هذا الأمر قبل أن يفوت ويأمر بإنقاذها ولو أنها بين السماء والأرض عند الحوت ومكارمه المشهورة لا تقف في البذل مع احتياط ولا يغير عادتها طريق الحجاز ولولا الغلو لقال ولا طريق الصراط.

نوادر في هذا الباب: ذكر الشيخ علاء الدين الوداعي في تذكرته أن الصاحب تاج الدين محمد بن حبا رحمة الله كانت له أخت ذات مال وكان كلما اجتمع بها حضها على طعام الفقراء والمساكين والصدقة وفعل الخير ويقول لها لا تتباخلي فقالت له يوماً وقد قال لها في تكوني يخيلة فقالت له ما تستحي كم تقول أنت بخيلة وأنا كريمتك، قال عبد الملك ابن مروان لبعض الشعراء هل أصابتك تخمة قال أما من طعام الأمير فلا، وقال بعضهم أربعة ممسوخة البركة أكل الأرز البارد والغناء من وراء الستارة والقبلة فوق النقاب والجماع في الماء، وقال بعض الصوفية من جلس على مائدة فأكثر الحديث فقد غش بطنه، قيل لطقيلي لم أنت حائل اللون قال للفترة بين الطعامين مخافة أن يكون قد فنى الطعام، أو لم طفيلي على ابنته فأتاه كل طفيلي فلما رآهم رحب بهم ثم رقاهم إلى غرفة بسلم وأخذ السلم حتى فرغ من طعام الناس أنزلهم وأخرجهم.

دعا يحيى بن أكتم عدولة فقدم إليهم مائدة صغيرة فتضاموا عليها حتى كان أحدهم يتقدم فيأخذ اللقمة ثم يتأخر حتى يتقدم الآخر فلما خرجوا قيل لهم أين كنتم قالوا كنا في صلاة الخوف، الحارث بن كلدة إذا تغذى أحدكم فلينم على غدائه وإذا تعشى فليخط أربعين خطوة، وفي قوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطّعَامَ عَلَىَ حُبّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) أفاد الجناب المجدي رحمة الله أن قوله تعالى (على حبه) مما يستشهد به في البديع، قدم رجل كذاب من سفره وقد أفاد من سفره مالاً كثيراً فدعا قومه إلى الطعام وجعل يحدثهم ويكذب فقال أحد القوم نحن كما قال الله تعالى (سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسّحْتِ) عبر بعض الطفيلية على قوم وهم يأكلون فقال السلام عليكم أيها القوم اللئام فقالوا لا والله إلا الكرام فقال اللهم أجعلهم صادقين وأجعلني كاذباً وقعد يأكل، وعبر طفيلي أيضاً على قوم وهم يأكلون فقال هل تحتاجون إلى مساعدة فقالوا بالدعاء فقال لا هناكم الله إن لم تأذنوا لي بالأكل معكم، وما احسن قول أبن دانيال في شخص يدعى علي شير:

إذا ما كنت متخوفاً فكن ضيف على شير ... فما يخرج منه الخبز إلا بالمناشير

<<  <   >  >>