ومن ظريف ما سمعته فيها قول الشيخ الإمام العالم النحوي المفنن زين الدين عمر بن المظفر أبي الفوارس الشهير بابن الوردي رحمه الله تعالى فبينما الطاوس مصغ إلى الياسمين وهو على ما ساقه الذنب على ساقه حزين وإذا بدرة خضراء لا بل درة عذراء تقول أف لطاوس الطير من طاوس القراء أيها الطاوس اطريد المعكوس الشريد شغلك ظاهر الثياب عن باطن العيوب إن الله لا ينظر إلى الثياب ولكن ينظر إلى القلوب هلا شغلت بمداواة أمراضك عن بساتينك وغياضك ولم لا أفنيت عن ملبوسك وعجبك ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك شاركت آدم في الخروج من الجنة والأسف عليها فشاركه في التوبة والاستغفار والعودة إليها، على أن آدم خرج من الجنة قهراً ليزرع في الأولى ما يحصده في الآخرة وأما أنا أيها الطاوس فإني رأيت نفوس البشر أشرف النفوس كرمهم الرب وفضلهم وخلق الموجودات لهم فشاركتهم نطقاً وزرقاً ونادمتهم ونديم السعداء لا يشقى فسبحان من بيده الخير المؤلف بين البشر والطير ومن أعجب أحوالي أن الصمت محمود أفعالي لأني طائر ضعيف ولا أقاس على البشر في التكليف:
غائب في القلب حاضر ... كاسر للصب جابر
أنا من خوف جفاه ... واقع والقلب طائر
أنا بالمحبوب فخرى ... فانتصب يا من يفاخر
أنا من جودة فكري ... عرفت باسمي الجواهر
ها أنا الدرة فأعرف ... قيمتي إن كنت تاجر
القول على القمري: سمي بذلك لبياضه وحكاية صوته وهو يضحك كما يضحك الإنسان ومن طبعه أنه شديد المودة والرحمة.
أما مودته فإنه يفرخ على فنن من أفنان شجرة كلها أعشاش لأبناء جنسه يصاحبها كل يوم ولا يعتزل اعتزال الغراب.
وأما رحمته فإنه يربي ولده ويعف عن أنثاه مادام ولده صغيراً، وهو يطاعم أنثاه وتطاعمه ويظهر منه عليها، وله وفيه من المروءة أنه متى تزوج لايبتغي بأنثاه بدلاً.
وله اعتناء بنفسه وإعجاب بها ومن عادته أنه يعمل عشه في طرف فنن دائم الاهتزاز احترازاً على فرخيهخ ليلاً يسعى إليه من الحيوان الماشي ما يقتلها.
الوصف قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر ملغزاً فيه: ما معمي رأيته * في عداد المطير * كم له من مترجم * كم له من مشجر كم له من كآبة * ظهرت بالتدبر * كم خواف له بدت * لا لتماح المبصر كله معجم وان * زال بعض له قرى ذكرت بقوله كم خواف له ما أنشدنيه من لفظه لنفسه ونقلته من خطه المعز الأشرف المرحوم أوحد الدهر ونخبة العصر القاضي أمين الدين محمد الأنصاري صاحب ديوان الإنشاء بالشام المحروس من قصيدة امتدح بها المعز الصاحب المرحوم فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس ناظر الدولة الشريفة بالديار المصرية سامحه الله تعالى أولها:
جفون من تأرقها دوامي ... مدامعها تفيض على الدوام
ويقول في آخرها:
قوادمها ينرن ولسن عنه ... خواف تحت أجنحة الظلام
وقال الشيخ برهان الدين القيراطي:
تنفس الصبح فجاءت لنا ... من نحوه الأنفاس مسكيه
وأطربت في العود قمرية ... وكيف لا تطرب عوديه
وأنشدني سيدي القاشي شهاب الدين بن حجر فسح الله في أجله من لفظه لنفسه بتاريخ ثالث عشر ربيع الأول من شهور عام اثنين وثمانمائة بالقاهرة المحروسة بمنزله عمره الله ببقائه بحارة بهاء الدين:
تخيرت رسلاً سرنا عندهم خفا ... إليكم وتلك الرسل فهي الحمائم
إذا قدمت مني عليكم فيا لها ... خوافي سر حملتها قوادم
وأما الفاخت فهي عراقية وليست بحجازية وفيها فصاحة وحسن صوت وصوتها في الحجازيات يشبه صوت المثلث وفي طبعها تأنس بالناس وتعشش بالدور وهذا الحيوان يعمر وقد ظهر منه ما عاش خمساً وعرشين سنة وما عاش أربعين سنة على ما حكاه أرسطو.
الوصف: أنشدني من لفظه لنفسه إجازة أوحد المتكلمين العالم المفنن فريد الدهر المرحوم القاضي أمين الدين الأنصاري صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالشام المحروس ملغزاً في فاختة:
وما طائر يهوى الرياض تنزها ... ويسوح في أفنائها ويغرد
هجاء اسمه خمس حروف تعدها ... وخمساه حرف إن تأملت مفرد
وبعدهما تصحيف باقية إن ترد ... بياناً له أفعى يبين ويشهد
وفيه أخ إن تهت عنه فأخته ... تدل على ما قد عنيت وترشد