للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخلعت عن عطفيه حلة قهوة ... وشربتها فغدوت في سلطانه

وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي رحمه الله تعالى:

ومشمولة قد هام كسرى بكأسها ... فأضحى ينادي وهو فيها مصور

وقفت لشوقي من وراء زجاجة ... إلى الدار من فرط الصبابة أنظر

وقال المرحوم فخر الدين بن مكانس رحمه الله تعالى:

إذا ما أدبرت في حشا عسجدية ... بها كل ذي ملك وتاج تصورا

فحسبك نيلا في السيادة أن ترى ... نديمك في الكاسات كسرى

قلت: والسبب الموجب لتصويرها ما ذكره الفقيه الكاتب أبو مروان عبد الملك بن بدرون في شرحه لقصيدة الوزير عبد المجيد بن عبدون وهو أن سابور بن هرمز الملقب بذي الأكتاف لما رجع من قتال بني تميم قصد الروم والدخول إلى القسطنطينية متنكرا فاستشار قومه فحذروه التغرير بنفسه فلم يقبل قولهم وسار متنكراً إلى القسطنطينية فصادف وليمة لقيصر قد اجتمع فيها الخاص والعام فدخل في جملتهم وجلس على بعض موائدهم وقد كان قيصر أمر مصورا أتى عسكر سابور فصوره فلما جاء قيصر بالصور أمر بها فصورت على آنية الشراب من الذهب والفضة وأتى بعض من كان على المائدة التي عليها سابور بكأس فنظر بعض الخدام إلى الصورة التي على الكأس وسابور مقابل لها على المائدة فعجب من اتفاق الصورتين وتقارب الشبهين فقام إلى الملك فأخبره فمثل بين يديه فسأله عن خبره فقال أنا من أساورة سابور وهربت منه لأمر خفته فيه فلم يقبلوا ذلك منه وقدم إلى السيف فأقر بنفسه وجعل في جلد بقرة وتمام حكايته إلى أن خلص وعاد إلى ملكه في كتاب سلوان المطاع في السلوانة الثانية منه وهي حكاية غريبة مشتملة على أنواع من الحكم.

وقال صلاح الدين الصفدي رحمه الله:

كئوس المدام تحث الصفا ... فكن لتصاويرها مبطلا

ودعها سواذج من نقشها ... فاحسن ما ذهبت بالطلا

وقال زين بن الوردي رحمه الله تعالى:

دع الكأس من من نقشها ... وصاف بصاف أحب

إذا ذهبت بالمطلا ... فقد طليت بالذهب

وقال: شمس الدين بن العفيف فيما يكتب على كأس:

أدور لتقبيل الثنايا ولم أزل ... أجود بنفسي للندامى وأنفاسي

وأكسو أكف الشرب ثوبا مذهبا ... فمن أجل هذا لقبوني بالكاسي

الشيء بالشيء يذكر قال شهاب الدين بن أبي جحلة مضمنا:

يا صاح قد حضر الشراب ومنيتي ... وحظيت بعد الهجر بالائيناس

وكسى العذار الخد حسنا فاسقني ... واجعل حديثك كله في الكأس

وقال إبراهيم بن الحاج الغرناطي (ومولده سنة خمس عشرة وسبعمائة رحمه الله تعالى) :

يا رب كأس لم يشح شمولها ... فاعجب لها جسما بغير مزاجي

لما رأينا السحر من أشكالها ... جملا نسبناه إلى الزجاجي

وقال الأديب أبو بكر بن مجير وقد اقترح عليه حسود وصف كأس أسود فقال ارتجالا:

سأشكو إلى الندمان أمر زجاجة ... تردت بلون حالك اللون أسجم

تصب بها شمس المدامة بيننا ... فتغرب في جنح من الليل مظلم

وتجحد أنوار الحميا بلونها ... كقلب حسود جاحد يد منعم

<<  <   >  >>