للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يؤيد هذا التفسير ويوضحه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال يا رب: كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم: استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم: استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين، قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " (١).

فإن قيل: ما مناسبة اختيار هذا الأسلوب: {يُقْرِضُ اللَّهَ} دون غيره؟.

فالجواب من وجوه:

١ - أن فيه تأكيداً لاستحقاق الثواب بالعمل، إذ لا يكون قرضاً إلا والعوض مستحق به (٢).

٢ - أن فيه حثاً وترغيباً على البذل والزيادة في أعمال الخير.

٣ - أن في أعمال الخير قطعاً من الوقت أو المال أو غيره لله تعالى، ومن معاني القرض في اللغة: القطع (٣).

٤ - أن ما يقدمه الإنسان ينتظر بدله وجزاءه، وهكذا القرض.

٥ - أن الجزاء يتأخر عن العمل في الغالب، وكذلك الأمر في القرض (٤).

٦ - بيان أن طاعة العبد مقبولة عند الله تعالى، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات (٥) بإذنه تعالى وفضله؛ ومما يشهد لهذا قوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل:٢٠].


(١) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب فضل عيادة المريض (٢٥٧٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٥٤٧.
(٣) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٣٠٦، لسان العرب ٧/ ٢١٧.
(٤) ينظر: زاد المسير ١/ ٢٤٠.
(٥) التفسير الكبير ٤/ ١٤٧.

<<  <   >  >>