للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة النور]

قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)} [النور:٢].

١٠٥/ ١ - قال ابن عقيل: (فهذه الآية عامة في كل زان وزانية، قضينا عليها بالآية الخاصة في الإماء وهي قوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥)} [النساء:٢٥] اهـ) (١).

الدراسة:

في هذا الموضع فسر ابن عقيل العام في القرآن بالخاص فيه، فعموم الحكم بجلد الزاني والزانية الحُرَّين غير المحصنين مائة جلدة مخصوص بالآية الأخرى وهي أن الإماء على النصف من العذاب، وهو قول الطبري (٢)، والجصاص (٣)، والواحدي (٤)، وكافة العلماء إلا ما ندر.

قال الآمدي: (اتفق العلماء على تخصيص الكتاب بالكتاب، خلافاً لبعض الطوائف) (٥).

والمخالف في مسألة تخصيص الكتاب بالكتاب بعض الظاهرية (٦)، وتمسكوا بأن التخصيص بيان للمراد باللفظ، فلا يكون إلا بالسنة؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:٤٤].

وقال أصحاب أبي حنيفة: إن كان العام هو المتقدم كان الخاص المتأخر ناسخاً لبعضه، وإن كان العام هو المتأخر كان ناسخاً لجميع الخاص (٧).

واحتجوا: بأن بيان العموم لا يجوز تأخيره عن حال وروده، فإذا ورد متأخراً عنه، لم يجز أن يقع موقع البيان، فلم يبق إلا أن يكون ناسخاً له.

وأقول: إن تخصيص الكتاب بالكتاب عموماً هو ما عليه جمهور العلماء، بل نُقل الإجماع في هذه الآية على هذا التخصيص.


(١) الواضح ٣/ ٤٣٧، ٢/ ٩٦.
(٢) جامع البيان ٦/ ٦١٣.
(٣) أحكام القرآن ٢/ ٢١٣.
(٤) الوجيز ١/ ٢٦٠.
(٥) الإحكام ٢/ ٣١٨.
(٦) الإبهاج ٢/ ١٦٩، شرح الكوكب المنير ٣/ ٣٦٠.
(٧) ينظر: أصول السرخسي ١/ ١٣٣.

<<  <   >  >>