للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عقيل: (وإجماع الأُمَّةِ على تخصيص الأولى بالثانية، إجماع على حمل العام على الخاص، فهو حجة لنا، ولا عذر لهم) (١)، يعني: تخصيص آية النور بآية النساء.

ويجاب عن استدلال الظاهرية بأن البيان إنما يكون من النبي - صلى الله عليه وسلم - لما لم يبينه القرآن، وأيضاً: فبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - للقرآن إنما هو من القرآن (٢).

وأما استدلال الحنفية، فيقال: إن العموم، يشمل كل ما يدل عليه بظاهر لفظه، فيحتمل دخول الخاص وعدمه، وأما الخاص فيتناول ما نص عليه بصريح اللفظ دون احتمال، فوجب إعمال الصريح والقضاء على المحتمل والظاهر، وأما تأخير البيان للعموم فيجوز إذا كان للمصلحة (٣)، وفيه هنا فائدة كبيرة، منها: اعتقاد المكلف ذلك، والعزم على فعله، فيقع له الثواب، إلى أن يأتي دليل الخصوص (٤)، ويجوز تأخير البيان حتى يأتي وقت الحاجة عند جمهور العلماء (٥).

ولهذا فالقول الراجح هو ما عليه جمهور العلماء: وهو جواز تخصيص الكتاب بالكتاب؛ وذلك لأمور منها:

١ - أن القول بالتخصيص جمع بين الدليلين وعمل بهما، ومن قال بالنسخ عطل أحدهما، وإعمالهما جميعاً أولى من ترك أحدهما.


(١) الواضح ٣/ ٤٣٧.
(٢) يراجع ما سبق في تفسير سورة النحل آية: ٨٩. ينظر: ص ٣٣٥.
(٣) لا بد من هذا القيد، وإلا فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يُجَوزه إلا من يُجَوِّز التكليف بالمحال ينظر: المحصول ٣/ ١٨٧، ومن أمثلته: أن يقول: صلوا غداً، ثم لا يبين لهم في غد كيف يصلون؟، ومثال تأخيره لمصلحة: كتأخيره الأعرابي المسيء صلاته إلى ثالث مرة كما في الصحيحين.
(٤) ينظر: العدة ٢/ ٦٢٤، الواضح ٣/ ٤٣٨.
(٥) ينظر: العدة ٣/ ٧٢٥، كشف الأسرار ٣/ ١٠٨، نهاية السول ص ٢٣١، الإحكام للآمدي ٣/ ٣٢، شرح الكوكب المنير ٣/ ٤٥٣.

<<  <   >  >>