للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قال: الإرادة التي يوصف الله بها مخالفة للإرادة التي يوصف بها العبد وإن كان كل منهما حقيقة، قيل له: فقل إن الغضب الذي يوصف الله به مخالف لما يوصف به العبد وإن كان كل منهما حقيقة، فإذا كان ما يقوله في الإرادة يمكن أن يقال في هذه الصفات لم يتعين التأويل بل يجب تركه؛ لأنك تسلم من التناقض، وتسلم أيضاً من تعطيل معنى أسماء الله تعالى وصفاته بلا موجب (١). والله تعالى أعلم.

[سورة الأحقاف]

قال تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)} [الأحقاف:٣١].

١٢٨/ ١ - قال ابن عقيل: (فليس غفرانه مقصوراً على التوبة، فالطاعات مكفِّرة، توبةً أو غيرَ توبة اهـ) (٢).

الدراسة:

استدل ابن عقيل بالآية على أن الطاعات مكفرة للذنوب سواء كانت توبةً أو غيرها.

ووجه الاستدلال أن الله تعالى رتب المغفرة للذنوب على إجابة أمره والإيمان به ولم يقيد الغفران بالتوبة.

والنصوص الدالة على هذا صريحة صحيحة كثيرة، منها:

حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه توضأ لهم ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، وقال: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه " (٣).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً، ما تقول ذلك يُبْقِي من دَرَنِه؟ " قالوا لا يُبْقِي من دَرَنِه شيئاً، قال: " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا " (٤).


(١) شرح العقيدة الطحاوية بتصرف ٢/ ٦٨٦.
(٢) الواضح ٣/ ٢٣.
(٣) سبق تخريجه، ينظر: ص ٣١٦.
(٤) سبق تخريجه، ينظر: ص ٣١٦.

<<  <   >  >>