للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الزخرف]

قال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [الزخرف:٥٥].

١٢٧/ ١ - قال ابن عقيل في قوله تعالى: ({آسَفُونَا}، يرجع إلى موسى بدليل قوله: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف:١٥٠] اهـ) (١).

الدراسة:

أشار ابن عقيل إلى أن الضمير يرجع إلى موسى واستدل بقوله تعالى: {غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف:١٥٠] والمراد هنا موسى، تنزيهاً لله من الأسف؛ لأنه إنما يكون على شيء فائت، والله سبحانه لا يفوته شيء (٢)، وهذا هو القول الأول.

والقول الثاني: أن الضمير يرجع إلى الله سبحانه، وهو ما عليه أكثر المفسرين (٣)، وهو الذي يدل عليه سياق الآية حيث قال بعدها: {انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف:٥٥] وهذا إنما يكون من الله سبحانه.

وهذا هو الراجح بإذن الله، ويجاب عما استدل به ابن عقيل بما يلي:

الأول: أن الترجيح بسياق الآية أقوى من كل مرجح وقد اعتمد هذه القاعدة أئمة التفسير وغيرهم (٤).

الثاني: نحن متفقون على تنزيه الله من النقص؛ والأسف في اللغة له معنيان:

أحدهما: أنه يأتي بمعنى الحزن كما قال تعالى: {وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف:٨٤] وهذا المعنى ممتنع بالنسبة لله عز وجل (٥).


(١) الواضح ٢/ ٣٨١.
(٢) ينظر: تفسير السمعاني ٥/ ١١٠.
(٣) ينظر: جامع البيان ٢٠/ ٦١٧، المحرر الوجيز ٥/ ٦٠.
(٤) قواعد الترجيح عند المفسرين ١/ ٣٠١.
(٥) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ٨/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>